إحاطتها في الكلم والكلام المنتظم في قوله :﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾، فهو قرآن حرفي يفصله قرآن كلمي يفصله قرآن كلامي ـ انتهى.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣
فقوله :﴿الله﴾ أي الذي آمن به الرسول وأتباعه بما له من الإحاطة بصفات الكمال ﴿لا إله إلا هو﴾ أي متوحد لا كفوء له فقد فاز قصدكم إليه بالرغبة وتعويلكم عليه في المسألة.
قال الحرالي : فما أعلن به هذا الاسم العظيم أي الله في هذه الفاتحة هو ما استعلن به في قوله تعالى :﴿قل هو الله أحد﴾ [الإخلاص : ١]، ولما كان إحاطة العظمة أمراً خاصاً لأن العظمة إزاء الله الذي لا يطلع عليه إلا صاحب سر كان البادي لمن دون أهل الفهم من رتبة أهل العلم اسمه " الله الصمد " الذي يعنى اليه بالحاجات والرغبات المختص بالفوقية والعلو الذي يقال للمؤمن
عنه : أين ؟ فبقول : في السماء، إلى حد أن يقول : فوق العرش، فذلك الصمد الذي أنبأ عنه اسمه ﴿إله﴾ الذي أنزل فيه إلزام الإخلاص والتوحيد منذ عبدت في الأرض الأصنام، فلذلك نضم توحيد اسمه الإله بأحدية مسمى هو من اسمه العظيم " الله "، ورجع عليه باسم المضمر الذي هو في جبلات الأنفس وغرائز القلوب الذي تجده غيباً في بواطنها فتقول فيه : هو، فكان هذا الخطاب مبدوءاً بالاسم العظيم المظهر منتهياً إلى الاسم المضمر، كما كان خطاب ﴿قل هو الله أحد﴾ [ الإخلاص : ١] مبدوؤاً بالاسم المضمر منتهياً إلى الاسم العظيم المظهر، وكذلك أيضاً اسم الله الأعظم في سورة ﴿قل هو الله أحد﴾ [الإخلاص : ١] كما هو في هذه الفاتحة.
ولما كان لبادي الخلق افتقار إلى قوام لا يثبت طرفة عين دون قوامه كان القوام البادي آيته هي الحياة فما حيي ثبت وما مات فني وهلك ؛ انتهى ـ ولما كان المتفرد بالملك من أهل الدنيا يموت قال :﴿الحي﴾ أي الحياة الحقيقية التي لا موت معها.


الصفحة التالية
Icon