لأعرضوا، وقال الذين أبَّدْنا كفرَهم عناداً ومكابرة : ما هذا إلاّ سحر ظاهر، ويكون ﴿وقالوا﴾ معطوفاً على ﴿لقال الذين كفروا﴾ ويكون ذلك قبل اقتراحهم لذلك بما حكاه الله تعالى عنهم في سورة الإسراء بقوله ﴿وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً﴾ [الإسراء : ٩٠].
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٩١
إلى آخرها، فيكون إخباراً بمغيب.
ولما قطع الرجاء لهداية من حكم بشقاوته، وكان طلبهم لإنزال الملك ونحوه إنما هو على سبيل التعنت والاستهزاء، وكان ذلك يشق على رسول الله ﷺ والمؤمنين رضي الله عنهم غاية المشقة، التفتت النفس إلى الإراحة منهم وتوقعته لما تقدم من مظاهر
٥٩٢
العظمة، فأخبره أنه فاعل ذلك في سياق متكفل بتسليته، وأن ذلك لم يزل سنته فيمن فعل فعلهم، فقال - عاطفاً على قوله ﴿فسوف يأتيهم أنباؤا﴾ [الأنعام : ٥] - :﴿ولقد﴾ أي هذا منهم إنما هو استهزاء بك ﴿ولقد استهزئ﴾ أي أوقع الهزء وأوجد من الأمم، وبني للمفعول لأن المنكي الاستهزاء، لا كونه من معين، وإشارة إلى أنه كان يقع لهم ذلك من الأعلى والأدني ﴿برسل﴾.
ولما كان القرب في الزمن في مثل هذا مما يسلي، وكان كل من الاستهزاء والإرسال لم يستغرق الزمن، أدخل الجار فاقل :﴿من قبلك﴾ فأهلكنا من هزأ بهم، وهو معنى ﴿فحاق﴾ أي فأحاط ﴿بالذين سخروا منهم﴾ أي من أولئك الرسل ﴿ما كانوا به يستهزئون﴾ أي من العذاب الذي كانوا يتوعدون به، وكان سبباً لهزئهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٩١