ولما كانوا لكثرة تعنتهم رمبا أطلقوا على أسمائه سبحانه إله كما قالوا حين سمعوه ﷺ يقول :"يا الله يا رحمن" كما سيأتي إن شاء الله تعالى آخر الحِجْر وآخر سبحان، صرح بالمقصود على وجه لا يحتمل النزاع فقال :﴿أخرى﴾ ولما كان كأنه قيل : إنهم ليقولون ذلك، فماذا يقال لهم ؟ قال :﴿قل لا أشهد﴾ أي معكم بشيء مما تقولونه لأنه باطل، ولو كان حقاً لشهدت به.
ولما كان هذا غير قاطع لطمعهم فيه، اجتثَّه من أصله وبرمته بقوله :﴿قل إنما هو﴾ أي الإله ﴿إله واحد﴾ وهو الله الذي لا يعجزه شيء وهو يعجز كل شيء، لأنه واحد لا كفوء له، فإنكم عجزتم عن الإتيان بسورة من مثل كلامه وأنتم أفصح الناس.
ولما كان معنى هذا البراءة من إنذارهم، صرح به في قوله مؤكداً في جملة اسمية :﴿وإنني بريء مما تشركون *﴾ أي الآن وفي مستقبل الزمان إبعاداً من تطمعهم أن تكون الموافقة بينه وبينهم باتخاذه الأنداد أو شيئاً منها ولياً، فثبت التوحيد بهذه الآية بأعظم طرق البيان وأبلغ وجوه التأكيد، ولقد امتثل ﷺ الأمر بإنذار من يمكن إبلاغه القرآن، فلما استراح عن حرب قريش وكثير ممن حوله من العرب في عام الحديبية،
٦٠١