أشار إليه بأداة البعد فقال :﴿ثم لم تكن فتنتهم﴾ أي عاقبة مخالطتنا لهم بهذا السؤال وأمثاله من البلايا التي من شأنها أن يميل ما خالطته فتحيله - ولو أنه جبل - عن حاله بما ناله من قوارعه وزلزاله إلاّ كذبهم في ذلك الجمع، وهو معنى قوله :﴿إلاّ أن قالوا﴾ ثباتاً منهم فيما هم عريقون فيه من وصف الكذب :﴿والله﴾ فذكروا الاسم الأعظم الذي تندك لعظمته الجبال الشم، وتنطق بأمره الأحجار الصم، الجامع لجميع ماني الأسماء الحسنى التي ظهر لهم كثير منها في ذلك اليوم، وأكدوا ذلك بذكر الوصف المذكر بتربيتهم ودوام الإحسان إليهم فقالوا :﴿ربنا﴾ فلم يقنعوا بمجرد الكذب حتى أقسموا، ولا بمجرد القسم حتى ذكروا الاسم الجامع والوصف المحسن ﴿ما كنا مشركين﴾ أي إن تكذيبهم لك أوصلهم إلى حد يكذبون فيه في ذلك اليوم بعد كشف الغطاء تطمعاً بما لا ينفعهم، كما ترى الحائر المدهوش في الدنيا يفعل مثل ذلك فهو إيئاس من فلاح الجميع : المشركين وأهل الكتاب، أو يكون المعنى تنديماً لهم وتأسيفاً : أنه لم يكن عاقبة كفرهم الذي افتتنوا به في لزومه والافتخار به والقتال عليه - لكونه دين الآباء - إلاّ جحوده والبراءة منه والحلف على الانتفاء من التدين به، والمعنى على قراءتي النصب والرفع في " فتنة " على جعلها خبراً أو اسماً واحداً، فمعنى قراء النصب : لم يكن شيء إلاّ قولهم - أي غير قولهم الكذب - فتنتهم،
٦٢٠


الصفحة التالية
Icon