ولما أخبرنا - في قراءة الرفع - عن أنفسهم بما تمنوا لأجله الرد، وتضمنت قراءة النصب الوعد، فإنه كما لو قال قائل : ليت الله يرزقني مالاً فأكافئك على صنيعك، فإنه ينجر إلى : إن رزقني الله مالاً كافأتك، فصار لذلك مما يقبل التكذيب، أضرب عنه سبحانه تكذيباً لهم بقوله :﴿بل﴾ أي ليس الأمر كما قالوا، لأن هذا التمني ليس عن حقيقة ثابتة في أنفسهم من محبة مضمونه وثمرته، بل ﴿بدا﴾ أي ظهر ﴿لهم﴾ من العذاب الذي لا طاقة لهم به ﴿ما كانوا يخفون﴾ أي من أحوال الآخرة ومرائهم على باطل! ولما كان إخفاؤهم ذلك في بعض الزمان قال :﴿من قبل﴾ أي يدعون أنه خفي، بل لا حقيقة له، ويسترون ما تبديه الرسل من دلائله عناداً منهم مع أنه أوضح من شمس النهار بما يلبسون من الهيبة فلذلك تمنوا ما ذكروا ﴿ولو ردوا﴾ أي إلى الدنيا ﴿لعادوا لما نهوا عنه﴾ أي من الكفر والفضائح التي كانوا عليها وستر ما اتضح لعقولهم من الدلائل ﴿وإنهم لكاذبون﴾ أي فيما أخبروا به عن أنفسهم من مضمون تمنيهم أنهم يفعلونه لو ردوا، وأكد طبعهم على الكفر بقوله عطفاً على قوله ﴿لعادوا﴾ :﴿وقالوا﴾ أي بعد الرد ما كانوا يقولونه قبل الموت في إنكار البعث ﴿إن هي أي ما هذه الحياة التي نحن ملابسوها {إلا حياتنا الدنيا﴾ أي التي كنا عليها قبل
٦٢٣


الصفحة التالية
Icon