ولما كانت هذه الآية - بما فيها من التصريح بالتكذيب - شديدة الاعتناق لقوله ﴿ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً﴾ [الأنعام : ٢١، ٣٩] وقوله ﴿كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباؤا﴾ [الأنعام : ٥] الآيتين رجع بالذي بعدها إلى فذلكة التفاصيل الماضية وواسطة عقدها وفريدة درها، وهو التوحيد الذي أبانته الأدلة قبل الآيتين، فقال دالاً على اعتقادهم القدرة التي استلزم نعتُهم بطلب الآية نفيها، واعتقادهم للتوحيد في الجملة وهم يكذبون به، بياناً لأنهم في الظلماتمقهورون بيد المشيئة لعدم تحاشيهم من التناقض معجباً منهم :﴿قل أرءيتكم﴾ أي أخبروني يا من كذب بالآيات والقدرة عناداً وشهد أن مع الله آلهة أخرى، وعدل بالله الذي يعلم السر والجهر، وهو مع من يدعوه في كل سماء وكل أرض بعنايته ونصره.
ولما كانت حقيقة ﴿أرءيتكم﴾ : هل رأيتم أنفسكم، وكان هذا لكونه سؤالاً عن معلوم لا يجهله أحد - مشيراً إلى أن السؤال عن غيره مما قد يخفى من أحوال النفس، كان كأنه قيل : عن أيّ أحوال نفوسنا نُسأل ؟ فقيل تنبيهاً لهم على حالة تلزمهم بالتوحيد أو العناد الذي يصير في العلم به كالسؤال عن رؤية النفس سواء :﴿إن أتاكم﴾ أي قبل مجيء الساعة كما آتى من قبلكم ﴿عذاب الله﴾ أي المستجمع لمجامع العظمة، فلا يقدر أحد على كشف ما يأتي به ﴿أو أتتكم الساعة﴾ أي القيامة بما فيها من الأهوال.


الصفحة التالية
Icon