ولما كان من أعظم ما يتذكر سار النعم وضار النقم للغقبال على الله والإعراض عما سواه وعدم الأغترار باسباب الأمن والراحة، قال :﴿وكم﴾ أى قلّ تذكركم وخوفكم من سطواتنا والحال أنه كم ﴿من قرية﴾ وإن جلت ؛ ولما كان المراد المبالغة في افهلاك، أسنده إلى القرية والمراد أهلها فقال :﴿أهلكنا ها﴾ أي بما لنا من العظمة لظلمها باتباع من دون الله، فلا تغتروا بأوليائكم من دونه وأنتم عالمون بأنهم لم ينفعوا من ضل من الأمم السالفة وقت إنزالنا بهم السطوة وإحلالنا بهم النقمة وتحقق المهلكون إذ ذاك - مع أنهم كانوا أشد بطشاً واكثر عدداً وأمتن كيداً - عدم إغنائهم فلم يوجهوا آمالهم نحوهم ولما كان المعنى : اردنا إهلاكها وحكمنا به، سبب عنه قوله :﴿فجاءها بأسنا﴾ أي عذابنا بما لنا من القوة والعظمة، أو الإهلاك على حقيقة وهذا تفصيل له وتفسير ؛ ولما كان لا فرق في إتيان عذابه سبحانه بين كونه ليلاً او نهاراً، وكان أفحش الباس واشده ما كان في وقت الراحة والدعة والغفلة قال :﴿بياتاً﴾ أي وقت الاستكنان في البيوت ليلاً كما أهللك قوم لوط عليه السلام وقت السحر
ولما كان المراد بالقرية اهلها، بينه بقوله لأنه إذا حذف المضاف جاز فيه اعتباران بحسب ما يحسن من المعنى : أن لا يلتفت إليه - كما في اول الآية، وإن يلتفت إليه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧


الصفحة التالية
Icon