شهر من ورائه وشهر من أمامه، ولكونه كان نبي الرحمة ما اقتضى ذلك الهلاك بل النجاة ولما أخبر سبحانه بهلاكهم وما سببه من أقوالهم وافعالهم، وكان للتخليص من العظمة في القلوب بتصوير المخلص للاذهان ما لا يخفى، لخص ذلك ذاكراً لأنه حل بهم بالخصوص - ما نسبةوا إلى المؤمنين من الخسارة فقال :﴿الذين كذبوا شعيباً﴾ أي نسبوه إلى الكذب فيما قاله عنا وايدنا فيه بالبينات ﴿وكان﴾ أي هم المخصصون بالهلاك حتى كأنهم ﴿لم يغنوا﴾ أي ينزلوا ويقيموا، وبطل مقامهم لاهين بالأفراح والغناء والاستغناء من المغاني وهي المنازل والاستغناء ﴿فيها﴾ أي الدار بسبب تكذيبهم ولما كان تكذيب الصادقين لا سيما الرسل في غاية الشناعة، كرره إشارة إلى ذلك وإعلاماً بأنه سبب لهم أعظم من هلاك الشباح ضد ما سبب التصديق للمؤمنين فقال :﴿الذين كذبوا شعيباً﴾ أي تكذيبه سبباً لهلاكهم ﴿كانوا﴾ أي بسبب التكذيب أيضاً ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿الخاسرين*﴾ أي خسروا أرواحهم كما خسروا أشباحهم فهم لما سوى ذلك أخسر، وأما الذين اتبعوه فما نالهم شيء من الخسار، وفي هذا الاستئناف والابتداء والتكرير مبالغة في رد مقالة الملأ لأشياعهم وتسفيه لآرائهم واستهزاء بنصحهم لقومهم واستعظام لما جرى عليهم.


الصفحة التالية
Icon