ولما كان من المعلوم أن مثله في تمام عقله وشرف خلائقه لا يدّعي في تلك المجامع إلا حقاً مع ما نبه عليه من البيان على تفرد الله بالإلهية كما تفرد بالإحسان، كان كأنه أظهر البينة التي أقلها كفهم عن إهلاكهم.
فأتبع ذلك طلب النتيجة إعلاماً بغاية ما يريد منهم بقوله مسبباً عن مجرد هذا الإخبار الذي كان قد أوقع مضمونه :﴿فأرسل﴾ أي يا فرعون ﴿معي بني إسرائيل*﴾ أي فسبب إقامتي الدليل على صحة ما قلته أن أمُر بما جئت له - وهو إرسالهم معي-أمر من صار له سلطان بإقامة البينة لنذهب كلنا إلى بيت المقدس موطن آبائنا التي أقسم الله لهم أن يورثها أبناءهم، وفي جعل ذلك نتيجة الإرسال إليهتنبيه على أن رسالته مقصورة على قومه، فكانه قيل : فماذا قال فرعون في جواب هذا الأمر الواضح ؟ فقيل :﴿قال﴾ معرضاً عنه معمياً له خوفاً من غائلته نعد من يعرف موسى عليه السلام حق المعرفة معبراً بإداة الشك إيقافاً لهم :﴿إن كنت جئت بآية﴾ أي علامة على صحة رسالتك ﴿فأت بها﴾ فأوهك أنه لم يفهم إلا أن المراد أنه سيقيمها من غير أن يكون في كلامه السابق دلاله على صدقه، وأكد الإبهام والشك بقوله :﴿إن كنت﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿من الصادقين*﴾ أي في عداد أهل الصد ق العريقين فيه لتصح دعواك عندي وتثبيت.
٧٩


الصفحة التالية
Icon