ولما لم يتذكروا ولا لانوا، سبب عن أخذهم قوله معرفاًُ بغباوتهم معبراً في الخير بأداة التحقيق إشارة إلى أنه اغلب من الشر حثاً على الشكر :﴿فإذا﴾ أي فما تسبب عن ذلك إلا أنهم كانوا إذا ﴿جاءتهم الحسنة﴾ أي الحالة الكاملة التي يحبونها من الخصب وغيره، ، ن وعرفها بعد تحقيقها إشارة إلى كمالها ﴿قالوا لنا هذه﴾ أي نحن حقيقيون بها، ودل على أن الخير أكثر من غير بقوله بأداة الشك مع التنكير :﴿وإن تصبهم سيئة﴾ أي حالة يكرهونها ولما كانت افصابة بالسيئات تخصهم ولا يلحق بني إسرائيل منها شيء، فكان إظهارهم للتطير بهم ظاهراً في ردهم عليهم وتكذيبهم فيه، أشار سبحانه بإدغام التاء إلى أنهم كانوا يدسونه إلى من يمكنهم اختداعه من الجهلة والأغبياء على وجه الحلية والخفاء، بخلاف ما في يايس فقال :﴿يطيروا﴾ أي يتشاءموا ﴿بموسى ومن معه﴾ أي بان يقولوا : ما حصل لنا هذا السوء إلا بشؤمهم، وهوتفعل من الطير، وهو تعتمد قصد الطير لأن يطير للتفاؤل به خير أو شر، واصله أن العرب كانوا إذا مر الطائر من ميامنهم إلى جهة مياسرهم قالوا : بارح، أي مشؤوم، من البرح وهو الشدة، فإذا طار منو جهة اليسار إاى جهة اليمين عدوه مباركاً، قالوا، منلي بالسانح بعد البارح، أي بالمبارك بعد المشؤوم، وعرف أن المراد هنا التشاؤم لاقترانه بالسيئة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٨


الصفحة التالية
Icon