وهم بنو إسرائيل ﴿مشارق الرض﴾ أي الكاملة لبركاتها ﴿وغاربها﴾ أي أرض الشام من الفرات إلى بحر سوف : الموضع الذي خرجوا منه من البحر وغرق فيه فرعون وآله - كما كما مضى نقله في المائدة عن التوارة، يعني حكمنا بإيراثهم ذلك وأنجزناه لأبناء الذين خرجوا من مصر بعد إهلاكهم في التيه ؛ ثم وصفها تغبطاً بها بقوله :﴿التي باركنا فيها﴾ أي في أرضها بالمياه والأشجار والثمار والخصب، وفي أرزاقها بالكثرة والطيب، وفي رجالها بالعلم والنبوة وفي طباعهم بالاستقامة، وفي عزائهم بالنجدة والشجاعة والمكارم، وفي جميع أحوالهم بأنه لا يبغيهم ظالم إلا عوجل بالنقمة ﴿وتمت﴾ أي وجدت صحتها لوجود مضمونها في عالم الشهادة وظهوره من ستور الغيب ﴿كلمت ربك﴾ أي المحسن إليك بإنزال هذه الأنباء على هذه الوجوه المفيدة مع إعجازها لغاية العلم والحمكة ﴿الحسنى﴾ مستعلية ﴿على بني إسرائيل*﴾ أي التي هي أحسن الكلام وهي وعده سبحانه لهم بالخلاص من العبودية وإيراثهم مساكن آباثهم مساكن آبائهم كما كانوا يسمعون من أسلافهم، وإذا عليهم منعت أعداءهم من الوصول إليهم ﴿بما صبروا﴾ أي بسبب صبرهم على الاستعباد وذبح الأولاد وما حصل بعد ذلك من طويل الأنكاد ﴿ودمرنا﴾ أي أهلكنا إهلاكاً عظمياً جعل يدمره كالرماد، لا خير فيه أصلاً ﴿ما كان يصنع﴾ أي صنعاً بغاية افقبال عليه حتى كانهم خلقوا لهم ﴿فرعون وقومه﴾ أي من الصنائع الهائلة المعجبة لكل من يراها أو يسمع بها مع أنهم قد مرنوا عليها فصارت أسهل شيء عندهم ﴿وما كانوا﴾ أي بما هو كالجبلة والطبع ﴿يعرشون*﴾ أي من الجنان والقصور العالية الركان، وكفى بهذه الآية حاثة على الصبر وضامنة على كل حائز للأجر بالتفريج عن المظلوم ونصره وإهلاك الظلوم وقهره شرح ما يحتاج إلى شرحه هنا من التوراة الموجودة الان بين أظهر اليهود، قال مترجماً في الصحاح الثالث من السفر الثاني ما نصه : وقال الرب لموسى في مدين : انطلق راجعاً إلى مصر لأن الرجال


الصفحة التالية
Icon