ولما كان الشيء قد يهلك في الدنيا أو في الاخرة - وهوحق، أعملهم بأن هذا الهلاك إنما هو الهلاك عند الله أعلم من كونه في الدنيا أو في الآخرة لبطلان ما هم فيه، فقال معبراً بالاسمية إشارة إلى أنه الآن كذلك، وإن رئي بخلافه :﴿وباطل﴾ أي مضمحل زائل ﴿ما كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿يعملون*﴾ أي مواظبين عليه من الأصنام والعكوف وجميع أعمالهم لأجله، لا وزن لشيء منها أصلاً ولا اعتبار، و- فيه إشارة إلى أن العبادة لا تنبغي إلا للباقي الذي لا يجوز عليه التغير، فإذا كان كذلك كان العمل له أيضاً ثابتاً باقياً لا يجوز عليه البطلان، وفي تعقيبها لتدمير آل فرعون إشارة إلى موجب ذلك، وأن كل من كان على مثل حالهم من عبادة غير الله كانت عاقبته الدمار ولما كان هذا استدلالاً على ان مثل هذه الأصنام التي مروا عليها لا تلح لأن تعبد، كان ذلك غير كاف لهم لما - تقرر من جهلهلم، فربما ظنوا أن غيرها مما سوى الله تجوز عبادته، فكانه قيل : هذا لايكفي جواباً لمثل هؤلاء فهل قال لهم غير ذلك ؟ فقيل : نعم! ﴿قال﴾ منكراً معجباً ﴿أغير الله﴾ أي الذي له جميع العظمة، فهو المستحق للعبادة ﴿ابغيكم﴾ أي أطلب لكم ﴿إلهاً﴾ فأنكر أن يتأله غيره، وحصر الأمر فيه ثم بينه بقوله :﴿وهو﴾ أي والحال أنه هو وحده ﴿فضلكم دون غيركم ممن هو في زمانكم أو قبله {على العالمين*﴾ أي لو لم يكن لوجوب اختصاصهم له بالعبادة سبب سوى اختصاصه لهم بالفصيل على سائر عباده الذين بلغهم علمهم ممن هو أقوى منهم حالاً واكثر عدداً وأمولاً لكان كافياًُ ولما اثبت أن الإلهية لا تصلح لغيره، وأن غيره لم يكن يقدر على تفضيلهم، وكان المقام للعظمة، وكان كأنه قيل إيذاناً بغلط أكبادهم وقله فطنتهم وسوء مقابلتهم للمنعم : اذكروا ذلك، أي تفصيله لكم باصطفاء آبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وما تقدم له عندهم وعند أولادهم من النعم لا سيما يوسف عليه السلام الذي حكمه في جميع الأرض التي استذلكم أهلها ؛ عطف عليه


الصفحة التالية
Icon