ولما منعه الرؤية بعد طلبه إياها، وقابل ذلك بمحاسن الأفعال والأقوال، تشوف السامع إلى ما قوبل به من الإكرام، فاستأنف سبحانه الإخبار بما منحه به تسلية له عما منعه وأمراً بشكره بقوله :﴿قال ياموسى﴾ مذكراً له نعمة في سياق دال على عظيم قدرها وإيجاب شكرها مسقطاً عنه مظهر العظمة تأنيساً له ورفقاً به - ﴿إني اصطفيتك﴾ أي اخترتك اختياراً بالغاً كما يختار ما يصفى من الشيء عن كل دنس ﴿على الناس﴾ أي الذين في زمانك ﴿رسالتي﴾ أي الآيات المستكثرة التي أظهرنها على يديك من اسفار التوارة وغيرها ﴿وبكلامي﴾ أي من غير واسطة وكانه أعاد حرف الجر للتنبيه على ذلك، ÷ كما اصطفى محمداً ﷺ على الناس عامة في كل زمان برسالته العامة وبكلامه المعجز ويتكلمه من غير واسطة في السماء التي قدست دائماً ونزهتت عن التدنيس بمعصية.
١٠٩
ولما كان ذلك مقتضياً لغاية افقبال والنشاط، سبب عنه قوله :﴿فخذ ما آتيتك﴾ آي مخصصاً لك به ﴿وكن من الشاكرين*﴾ أي العريقين في صفة الشكر المجبولين عليها.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٦


الصفحة التالية
Icon