﴿واتخذ قوم موسى﴾ [الأعراف : ١٤٨] أو على قوله ﴿أخذ الأولواح﴾ [الأعراف : ١٥٤] وحينئذ يكون هذا الميقات غير الميقات الأول، ويؤيده ما نقل من أن هارون عليه السلام كان معهم، وكأنهم لما سمعوا كلام الله طلب بعضهم الرؤية جاعليها شرطاً لإيمانهم فقالوا :﴿لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة﴾ [البقرة : ٥٥] كما فعل النقباء الاثنا عشر حين أرسلهم لجس أحوال الجبارين فنقص أكثرهم، فأخذتهم الرجفة فماتوا فخشى موسى عليه السلام ان يتهمه بنو إسرائيل في موتهم كنفس واحدة ﴿فلما اخذتهم﴾ أي أخذ قهر وغلبة ﴿الرجفة﴾ أي التي سببتها الصاعقة التي تقدمت في البقرة، فزلزلت قلوبهم فأماتتهم، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن هؤلاء غير السبعين الذين قالوا ﴿أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة﴾ [النساء : ١٥٣] وأن أولئك كانوا قبل هؤلاء، فالظاهر أن سبب الرجفة ما رأوا عند سماع الكلام من جلال الله وعظيم هيبته من الغمام الذي تغشي الجبل والقتار والبروق واصوات القرون وغير ذلك بخحيث كادت الرجفة - وهي رعدة - تفرق اوصالهم بعضها من بعض ﴿قال﴾ أي موسى تملقاً لربه سبحانه ﴿رب﴾ أي أيها المحسن إليّ ﴿لو شئت اهلكتهم﴾ أي أمتّهم ولما لم يكن إهلاكهم مستغرقاً للماضي، أخل الجارفقال :﴿من قبل وإياي﴾ أي قدرتك عليّ وعليهم قبل أن نقترب من هذه الحضرة المقدسة ونحن بحضرة قومنا كقدرتك علينا حين تشرفنا بها، وقد أسبلت علينا ذيل عفوك واسبغت علينا نعمتك
١٢١
ونحن في غيرالحضرة فلم تهلكنا، فإنعامك علينا ونحن في حضرة القدس وبساط القرب والأنس أولى ثم لما كان الحال مقتضياً لأن يقال : ألم تر إلى ما اجترؤوا عليه، وكان كأنه قال : إنما قال ذلك قوم منهم سفهاء، دل على ذلك بقوله استعطافاً :﴿اتهلكنا﴾ وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان رجفتهم كانت بسبب أنهم لم ينهوا عن عبادة العجل مع انهم لم يرضوا بذلك.


الصفحة التالية
Icon