فيه النبي ﷺ "آمن شعره وكفرقلبه" قال عبدالله بن عمرو وسعيد بن المسيب وزيد ابن أسلم وقيل : هو أبو عامر الراهب الذي سماه النبي ﷺ الفاسق، وقيل : نزلت في منافقي أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي ﷺ ولما كان الذي جرأهم على عظمته سبحانه ما أنعم عليهم به من إعطاء الكتاب ظناً منهم أنه لا يشقيهم بعد ذلك، رهبهم ببيان أن الذي سبب له هذا الشقاء هو إتياء الآيات فقال :﴿فانسلخ منها﴾ أي فارقها بالكيلة كما تنسلخ الحية من قشرها، وذلك بسبب أنه لما كان مجاب الدعوة سأله ملك زمانه الدعاء على موسى وقومه فامتنع فلم يزل يرغبه حتى خالف أمر الله اتباعاً لهوى نفسه، فتمكن من الشيطان وأشار عليه أن يرسل إليهم النساء مزينات ويأمرهن أن لا يمتنعن من أحد، فأشقاه الله، وهذا معنى ﴿فأتبعه الشيطان﴾ أي فأدركه مكره فصار قريناً له ﴿فكان﴾ أي فتسبب عن إدراك الشيطان له أن كان ﴿من الغاوين*﴾ أي الضالين الراكبين هوى نفوسهم، وعبر في هذه القصة بقوله :﴿اتل﴾ دون ﴿وأسألهم عن﴾ [الأعراف : ١٦٣] نحو ما مضى في القرية، لأن هذا الخبر مما يحبون ذكره لأن سلخه من الآيات كان لأجلهم، فهو شرف لهم، فلو سألهم عنه لبادروا إلى الإخبار به ولم يتعلثموه فلا تكون تلاوته ﷺ بعد ذلك لما أنزل في شأنه واقعاً موقع موقع ما لو أخبرهم به قبل، ولعل المقصود الأعظم من هذه الآية والتي قبلها الاستدلال على كذب دعواهم في قولهم ﴿سيغفر لنا﴾ [الأعراف : ١٦٩] بما هم قائلون به، فيكون من باب الإلزام، وكأنه لتقولون ﴿ليس علينا في الأميين سبيل﴾ آل عمران : ٧٥] لذلك، فما لكم توسعون المغفرة لكم في ترك ما أخذ عليكم به الميثاق الخاص وقد ضيقتموها على غيركم في ترك ما أخذ عليهم فلا يقاس عليه، قيل لكم ؛ أليسي المعبود قد حرم الجميع ؟ وعلى التنزيل فمن المسطور في كتابكم أمر بالعام وأنه ضل، وقد كان أعظم من أخباركم، فإنا آتيناه الآيات


الصفحة التالية
Icon