﴿اتبعوا ما أنزل إليكم ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء﴾ [الأعراف : ٣] بالشرح، وهو دال على أنه الذي فعل ما تقدم لأجل أوليائه بدليل أنه أعجزهم عن معاضة شيء من كتابه، وعن الوصول إلى جميع ما يريدون من أوليائه وأحبابه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٦٧
ولما صور بهذا جلاله، وقرر عظمته وكماله، باتصافهبجيع الصفات العلى التي منها القدرة التي تكفيهم عنه ؛ كرر التنفير عن أندادهم في أسلوب آخر تأكيداً للمعنى السابق بزيادة بالغة في العجز وهو تصويب النظر من غير إبصار، مع أن الأول للتقريع،
١٧٢
وهذا الفرق بين من يعبد بحق ومن يعبد بباطل ليرجعوا عن غيهم وعنادهم، فقال مبيناً أنهم ليسوا في شيء من صفاته مصرحاً بنفي النصرة التي أثبتها له عنهم مع المواجهة بالخطاب الذي هو أفظع في الجواب :﴿والذين تدعون﴾ أي تديمون دعاءهم ﴿من دونه﴾ -فإنهم يدعونه سبحانه في بعض الأوقات - أوتدعونهم تاركين له ﴿لا يستطعيون نصركم﴾ أي بوجه من وجوه النصرة بدليل عجزكم عني وأنا وحدي وأنتم أهل الأرض ﴿ولا أنفسهم ينصرون*﴾ بدليل أن الكلب يبول عليهم فلا يمنعونه.
ولما كان دعاء الجماعة أقرب إلى السماع من دعاء الواحد، نسق على ما قبله قوله :﴿وإن تدعوهم﴾ أي يا من هم أضل منهم وأعجز ﴿إلى الهدى﴾ أي إلى الذي هو أشرف الخلال ليهتدوا في نصر أنفسهم بالنسبة إلى كل أحد على حد سواء، قال مفرداً للمخاطب :﴿وتراهم﴾ أي أيها الناظر إليهم ﴿ينظرون إليك﴾ أي نوعاً من الإبصار، وما أشبه مضمون هذه الآيات بما في سفر أنبياء بني إسرائيل في نبوة أشعياً : هكذا يقول الرب ملك إسرائيل ومخلصه : أنا الأول وأنا الآخر، وليس إله غيري.