ولما أخبر سبحانه أنه لا شيء لهم فيها إلا عن أمر الله ورسوله، وكان ذلك موحباً لتوقفهم إلى بروز امره سبحانه على لسانه رسوله ﷺ، وكانت التقوى موجبة للوقوف خوفاً حتى يأتي الدليل الذي يجسّر على المشي وراءه، سبب عن ذلك قوله :﴿فاتقوا الله﴾ أى خافوا خوفاً عظيماً في جميع أحوالكم من الذي لا عظمة لغيره ولا أمر لسواه، فلا تطلبون شيئاً بغير أمر رسول الله ﷺ ولا تتخاصموا، فإن الله تعالى الذي رحمكم بإرسال رسول لنجاتكم وغنزال كتاب لعصمتكمغير مهمل ما يصلحكم، فهو يعطيكم ما سبق في علمه الحكم بأنه لكم، ويمنعكم ما ليس لكم ﴿وأصلحوا ذات بينكم﴾ أي الحال التي هي صاحبة افتراقكم واجتماعكم، فإن أغلب امرها البين الذي هو القطيعة، وقد أشرفت على الفساد بطلب كل فريق الأثرة على صاحبة فأقبلوا على رعايتها بالتسليم لأمر الله ورسوله الأمرين بالإعراض عن الدنيا ليقسمها بينكم على سواء، القوي
١٨٣
والضعيف سواء، فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم، لتجتمع كلمتم فيشتد أمركم ويقوى أزركم فتقدروا على إقامة الدين وقمعالمفسدين ﴿واطيعوا الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿ورسوله﴾ أي الذي عظمته من عظمته في كل ما يأمرانكم به من تنتقل لمن يراه وإنفاذ شرط ووفاء عهد لمن عاهده.