لا يغلب ولا يحوج وليه إلى زيادة العدد ولا نفاسه العدد ﴿حكيم﴾ أي إذا قضى أمراً كان في غاية الإتقان والإحكام، فلا يستطيع أحد نقص شيء منه، هذا له دائماً فهو يفعل في نصركم هكذامهما استأنستم إلى بشراه ولم تنظروا إلى قوتكم ولا غيرها مما سواه فلا تقلقوا إذا امركم بالهجوم على البأس ولو كان فيه لقاء جميع الناس ولما أكد هنا، لم يحتج إلى إعادة تأكيده في آل عمران فقيل ﴿العزيز الحكيم﴾ [آل عمران : ١٢٦] أي الذي أخبركم عن عزته وحكمته في غزوة بدر بما يليق بذلك المقام من التأكيد، وأخبركم أنكم إن فاديتم الأسرى قتل منها في العام المقبل مثل عددهم، فوقوع الأمر على ما قال مغن عن التأكيد، ولم يكن أحد من المسلمين في احد متردداً في اللقاء ولا هائباً له الإ ما وقع من الهم بالفشل نت الطائفتين والعصمة منه في الحال، وقد مضى في آل عمران لهذا مزيد بيان ولما ذكر البشرى والطمأئنية بالإمداد، ناسب أن يذكر لهم أنه أتبع القول العفل فألقى في قلوبهم بعزته وحكمته الطمأنينة والأمن والسكينة بدليل النعاس الذي غشيهم في موضع هو أبعد الأشياء عنه وهو موطن الجلاد ومصاولة الأنداد والتيقظ لمخاتلة أهل العناد، وكذا المطر وأثره، فقال مبدلاً أيضاً من ﴿إذ يعدكم﴾ أو معلقاً بالنصر لمخاتلة أهل قراءة ابن كثير وابي عمرو فالفاعل ﴿النعاس﴾ وضم الباقون الياء، وأسكن نافع الغين وفتحها الباقون وشددوا الشين المكسورة، فالفاعل في القراءة الأولى مفعول هنا، والفاعل ضمير يعود على الله ولما ذكر هذه التغشية الغريبة الخارقة للعوائد، ذكر ما فعلت لأجله فقال :﴿أمنة﴾ ولما كان ذلك خارقاً للعادة، جاء الوصف بقوله :﴿منه﴾ أى بجكمته لأنه لا ينام في مثل تلك الحال إلا الآمن، ويمنع عنكم العدو وأنتم نائمون بعزته، ولم يختلف فاعل، الفعل المعلل في القراءات الثلاث لأن كون النعاس فاعلاً مجاز، ويصح عندي نصبها على الحال ولما كان النعاس آية الموت، ذكر بعده آية الحياة


الصفحة التالية
Icon