ادعاؤه عنادهم وعدم انقيادهم، وتحقيقه أن النفي إنما هو زيادة التولي الناشئة عن الإسماع، فالمعنى : ولو أسمعهم لزادوا إعراضاً، فالمنفي في هذا السياق تلك الزيادة - والله الموفق ولماكان ما مضى من نكال الكافرين مسبباً عن عدم الاستجابة، أمر المؤمنين بها تحذيراً من الكون الكفرة في مثل حالهم فيحشروا معهم في مآمهم فقال :﴿يأيها الذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان بألسنتهم ﴿استجيبوا﴾ أي صدقوا دعواكم ذلك بإيجاد الإجابة إيجاد من هو في غاية الرغبة فيها ﴿الله﴾ أي واجعلوا إجابتكم هذه خاصة للذي له جميع صفات الكمال ﴿وللرسول﴾ الذي أرسله إلى جميع الخلق ولما كان ﷺ يدعوهم لا محالة لأن الله تعالى أمره بدعائهم، وكان لا يدعوهم إلا إلى ما أمره الله به، وكان سبحانه لا يدعون إلا إلى صلاح ورشد ؛ عبر بأداة التحقيق ووحد الضمير وشوق بإثمار الحياة فقال :﴿إذا دعاكم﴾ أي الرسول بالندب والتحريض ولما كان اجتناء ثمرة الطاعة في غاية القرب، نبه على ذلك باللام دون " إلى " فقال :﴿لما يحييكم﴾ أى ينقلكم بعز الإيمان والعلم عن حال الكفرة من الصمم والبكم وعدم العقل الذي هو الموت المعنوي إلى الحياة المعنوية، ولا يعوقكم عن الاستجابه في أمر من الأمور أن تقولوا : إنا استجبنا إلى الإيمان وكثير من شرائعه، فلولا أن ربنا علم فينا الخير ما أسمعنا، فنحن ناجون ؛ روى البخاري في التفسير وغيره عن أبي سعيد ابن المعلي رضي الله عنه قال " كنت أصلي فمر بي رسول الله ﷺ فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيته فقال : ما منعك أن تأتي ؟ فقلت كنت أصلي، فقال :"ألم يقل الله ﴿يأيها الذين آمنوا استجيبوا﴾" -الآية، ثم قال :"لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد، " فذهب رسول الله ﷺ ليخرج فذكرت له فقال :"هي ﴿الحمد لله رب العلمين﴾ [الفاتحة : ١] " هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" وللترمذي عن أبي هريرة


الصفحة التالية
Icon