عن مطلق الكذب واشدهم تحرياً بقوله :﴿قل إن الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿لا يأمر بالفحشاء﴾ أي بشيء من هذا الجنس ولما كان الكذب قبيحاً في نفسه وهو عندهم أقبح القبيح مطلقاً فكيف به إلى كبير منهم فكيف إذا كان على اعظم العظماء!قال منكراً عليهم موبخاً لهم مهدداً ﴿اتقولون على الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿ما لا يعلمون﴾ لأنكم لم تستمتعوا ذلك عنالله بلا واسطة ولا نقل إليكم بطريق صحيح عن نبي من النبياء عليهم السلام وفيه تهديد شديد على الجهل والقول على الله بالظنزلما كان تعليلهم بأمر الله مقتضياًُ لأنه إذا أمر بشيء اتبع أمره أن يبلغهم أمره الذي جاء به دليل العقل مؤيداً بجازم النقل فقال :﴿قل﴾ أي لهؤلاء الذين نابذوا الشرع والعرف ﴿بالقسط﴾ وهو الأمر المحسن إليّ بالتكليف بمحاسن الأعمال التي تدعو إليها الهمم التفريط هابطاً منه ؛ ولما كان التقدير فاقسطوا اتباعاً لما أمر به، أو كان القسط مصدراً ينحل إلى : أن أقسطوا عطف عليه ﴿وأقيموا وجوهكم﴾ مخلصين غير مرتكبين لشيء من الجور ﴿عند كل مسجد﴾ أي مكان ووقت وحال يصلح السجود فيه، ولا يتقيدزن أحد بمكان ولا زمان بأن يقول وقد أدركته الصلاة أذهب فاصلى في مسجدي ﴿وادعوه﴾ عند ذلك كله دعاء عبادة ﴿مخلصين له الدين﴾ أي لا تشركوا به شيءاً ولما كان المعنى : فإن من لم يفعل ذلك بعد إعادته له بعد الموت ترجمه مستدلاً عليه بقوله معللاً :﴿كما بداكم﴾ أي في النشأة الأولى فأنتم تبتدئون نعيدكم بعد الموت فأنتم ﴿تعودون﴾ حال كونكم فريقين :﴿فريقاً هدى﴾ أي خلق الهدايةفي قلوبهم فحق لهم ثواب الهداية ﴿وفريقاً﴾ أضل، ثم فسر أضل - لأنه واجب الهداية في بالنصب - بقوله :﴿حق﴾ أى ثبت ووجب ﴿عليهم الضلالة﴾ أي لأنه أضلهم فيحشرون على ما كانو عليه في الدنيا من الأديان، والبدان، وقد تبين أن ههنا احتباكين : أثبت في اولهما بدا دليلاً على حذف يعيد وذكر تعودون دليلاً على حذف تبتدئون، وأثبت في الثاني هدى


الصفحة التالية
Icon