كثير من العبارات السالفة القطع للذين كفروا بلفظ الماضي بالشفاء، كان ذلك موهباً لأن يراد من أوقع الكفر في الزمن الماضي وإن تاب، فيكون مؤيساً من التوبة فيكون موجباً للثبات على الكفر، قال تعالى متلطفاً بعباده مرشداً لهم إلى طريق الصواب مبيناً المخلص مما هم فيه من الوبال في جواب من كأنه قال : أما لهم من جبلة يتخلصون بها من الخسارة ﴿قل للذين﴾ أى لأجل الذين ﴿كفروا﴾ أني أقبل توبة من تاب منهم بمجرد انتهائه عن حاله ﴿إن ينتهوا﴾ أي يتجدد لهم وقتاً ما الانتهاء عن مغالبتهم بالانتهاء عن كفرهم فيذلوا الله
٢١٦
ويخضعوا لأوامره ﴿يغفر لهم﴾ بناه للمفعول لأن النافع نفس الغفران وهو محو الذنب ﴿ما قد سلف﴾ أى مما اجتراه كائناً ما كان فيمحي عيناً وأثراً فلا عقاب عليه ولا عتاب ﴿وإن﴾ أى وإن يثبتوا على كفرهم و﴿يعودوا﴾ إي المغالبة ﴿فقد مضت سنة﴾ أي طريقة ﴿الأولين*﴾ أي وجدت وانقضت ونفذت فلا مرد لها بدليل ما سمع من أخبار الماضين وشوهد من حال أهل بدر مما أوجب القطع بأن الله مع المؤمنين وعلى الكافرين، ومن كان معه نصر، ومن كان عليه خذل وأخذ وقسر ﴿كتب الله لأغلبن أنا ورسلي﴾ [المجادلة : ٢١] ﴿و لينصرن الله من ينصره﴾ [الحج : ٤٠] ﴿والعاقبة للمتقين﴾ [القصص : ١٢٨] وإن كانت الحرب سجالاً.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١٥