أي كلفوا أنفسهم ضد ما دعتهم إليه الفطرة الأولى بأن أخذوا ﴿الشياطين أولياء﴾ أي أقرباء وانصاراً ﴿من دون الله﴾ أي الملك العلى الذي لا مثل له ﴿ويحبسون﴾ أي والحال أنهم يظنون بقلة عقولهم ﴿أنهم مهتدون﴾ فاشار بذلك إلى أنهم استحقوا النكال لأنهم قنعوا في الأصول - التي يجب فيها الابتهال ألى القطع بالظنون ولما أمر سبحانه بالقسط وبإفامة الوجه عند كل مسجد، أمرهم بما ينبغي عند تلك الإقامة من ستر العورة الذي تقدم الحث عليه وبيان فحش الهتك وسوء أثره معبراً عنه بلفظ الزينة ترغيباًفيه وإذاناً في الزينة وبياناً لأنها ليس مما يتورع عنه لقوله ﷺ "إن الله يحب إذا بسط على عبد رزقه أن يرى أثر نعمته عليه" رواه أحمد والترمذي وابن منيع عن أبي هريرة رضى الله عنه، وأتبع أعظم ما ينبغي لابن آدم أن يعتبر فيه القسط من الماكل والمشرب فقال مكرراً النداء استعطافاً وإظهار لعظيم الإشفاق وتذكيراً بقصة أبيهم آدم عليه السلام التي أخرجته من الجنة مع كونه صفي الله ليش الحذر :﴿يابني آدم﴾ أى الذي زيناه فعزه الشيطان ثم وقيناه شره بما أنعمنا عليه به من حسن التوبة وعظيم الرغبة ﴿خذوا زينتكم﴾ أي التي تقدم التعبير عنها بالريش لستر العورة والتجمل عند الاجتماع للعبادة ﴿عند كل مسجد﴾ واكد ذلك كونهم كانوا قد شرعوا أن غير الحمس يطوفون عراة ولما امر بكسوة الظاهر بالثياب لن صحة الصلاة متوقفة عليها، أمر بكسوة الباطن بالطعام والشراب لتوقف القدرة عادة عليها فقال :﴿وكلوا واشربوا﴾ وحسَّن ذلك أن بعضهم كان يتدين في الحج بالتضيق في ذلك ولما أمر بالملبس والمطعم، نهى عن الاعتداء فيهما فقال :﴿ولا تسرفوا﴾ بوضع
٢٥


الصفحة التالية
Icon