ولما كان سبحانه محيطاً بكل صفة كمال على الإطلاق من غير قيد توكل ولا غيره، أظهر تعالى فقال عاطفاً على تقديره : فإن الله قادر على نصره :﴿فإن الله﴾ أي الذي له كمال الكمال المطلق ﴿عزيز﴾ أي غالب لكا من يغالبه فهو جدير بنصره ﴿حكيم*﴾ أى مقتن لأفعاله فهو حقيق بأن يأخذ عدو المتوكل عليه من الموضع الذي لا ينفعه فيه حيلة ولما ذكر ما سرّهم من حال اعدائهم المجاهرين والمساترين في الدنيا مرصعاً ذلك بجواهر الحكم وبدائع الكلم التي بملازمتها تكون السعادة وبالإخلال بها تحل الشقاوة، أتبعه ما يسرهم من حال اعدائهم عند الموت وبعده، فقال مخاطباً لمن لو كشف الغطاء لم يزدد يقيناً، حادياً بتخصيصه بالخطاب كل سامع على قوة اليقين ليؤهل لمثل هذا الخطاب حكاية لحالهم في ذاك الوقت ﴿ولو﴾ أي يقولون ذلك والحال أنك ﴿الذين كفروا﴾ أى من هؤلاء القائلين ومن غيرهم ممن قتلتموهم ببدر ومن غيرهم بعد ذلك وقبله ﴿الملائكة﴾ أي جنودها الذي وكلناهم بهم حال كونهم ﴿يضربون﴾ ولما كان ضرب الوجه والدبر أدل ما يكون على الذل والخزي، قال :﴿وجوههم وأدبارهم﴾ أي اعلى اجسامهم وأدناها فغيره اولى ﴿و﴾ حال كونهم يقولون لهم : ذوقوا ما كنتم به تكذبون ﴿ذوقوا عذاب الحريق*﴾ أي لرأيتم منظراً هائلاً وأمراً فظيعاً.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٢٧


الصفحة التالية
Icon