تكذيب الرسل بعض أهل الزمان الماضي، أدخل الجار فقال :﴿من قبلهم﴾ وهو مع ذلك من أدلة ﴿فلم تقتلوهم﴾ لأن هؤلاء الذين اشار إليهم كان هلاكهم بغير قتال، بل بعضهم باليح وبعضهم بالصحية وبعضهم بالغرق وبعضهم بالخسف الذي هو غرق في الجامد، فكأنه يقول : لا ينسب أحد لنفسه فعلاً، فإنه لا فرق عندي في إهلاك أعدائي بين أن يكون إهلاكهم بتسليط من قتال أو غيره، لاكل بفعلي، لولا أنا ما وقع، وذلك زاجر عظيم لمن افتخر بقتل نت قتله الله على يده، أو نازع في النفل، وهو راجع إلى قوله تعالى ﴿لكيلا تأسوا على ما فاتكمولا تفرحوا بما آتاك﴾ [الحديد : ٢٣] وفي ذلك حث على التمرن على عدم الاكتراث بشيء يكون للنفس فيه أدنى حظ ليصير ذلك خلقاً كما هو دأب رسول الله ﷺ، لا يضيف شيئاً من محاسنه إلا إلى خالقه إلا إن كان مأكوراً فيه بالتشريع، بل يقول : قتلهم الله، صرفهم الله، نصرنا الله، كفى الله، فإذا صار ذلك للمستمسكين به خلقاً أفضى بهم إلى مدح الخالق والمخلوق لهم كما قال كعب بن زهير رضي الله عنه في مدحهم :
ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم قوماً وليسوا مجازيعاً إذا نيلوا