ولما صرح بأن الله كافيه، وكانت كفاية الله للعبد اعظم المقاصد، والتفتت الأنفس إلى أنه هل يكفيه مطلقاً أو هو فعل مع المؤمنين أيضاً مثل ذلك، فأتبعها بقوله معبراً بوصف النبوة الذي معناه الرفعه والاطلاع من جهة الله على ما لا يعلمه العباد، لأنه في سياق الإخبار ببعض المغيبات والتصرف في الملكوت :﴿يأيها النبي﴾ أي العالي القدر الذي نعلمه بعواقب أموره ﴿حسبك﴾ أي كافيك ﴿الله﴾ أي الذي بيده كل شيء ﴿ومن﴾ أي مع من ﴿اتبعك من المؤمنين*﴾ يجوز أن يكون الميعه من ضميره ﷺ فيكون المؤمنون مكفيفين، وأن يكون من الجلالة فيكونوا كافين، حتى يكون المعنى : فهو كافيهم أيضاً وهم كافوك لأنه معهم، وساق سبحانه هذا هكذا تطبيقاً لقلوبهم وجبراً
٢٣٨
لخواطرهم وبالمعنى الثاني - لتضمنه الأول وزيادته عليه - قال ابن زيد والشعبي : حسبك الله وحسبك من اتبعك، وساقها سبحانه على وجه مكرر لفكاية نبيه ﷺ محتمل لأن فيمن كان على اتباعه في ذلك الوقت لئلا يستقلوا بالنسبة إلى كثرة أعدائهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٨