يمكن لأنها أقل الأوقات في الاستعمال في العرف، ثم عطف على الجملة الشرطية بكمالها لا على جزائها قوله :﴿ ولا يستقدمون* ﴾ أي على الأجل المحتوم، لأن الذي ضربه لهم ما ضربه إلا وهو عالم بكل ما يكون من أمرهم، لم يتجدد له علم، لم يكن يتجدد شيء من أحوالهم، ويجوز أن يكون معطوفاً على قوله :﴿ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ﴾ [ الأعراف : ٢٤ ] وتكون الآية معلمة بأنهم سيتناسلون فيكثرون حتى يكونوا أمماً، ولا يتعرضون جملة بل يكون لكل أمة وقت.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦
ولما كان استشراف النفس إلى السؤال عما يكون بعد حين المستقر والمتاع أشد من استشرافها إلى هذا لكونه أخفى منه، فهو أبعد من خطوره في البال ؛ قدم قوله ﴿قال فيها تحيون﴾ [الأعراف : ٢٥] ولما كان ذكر الدواء لداء هتك السوءة أهم قدم ﴿أنزلنا عليكم لباساً﴾ [الأعراف : ٢٦] ثم ما بعده حتى كان الأنسب بهذه الاية هذا الموضع فنظمت فيه.
ولما تقدمت الإشارة إلى الحث على اتباع الرسل بآيات المقصد الأول من مقاصد هذه السورة كقوله تعالى ﴿كتاب أنزل إليك﴾ [الأعراف : ٢] و﴿لتنذر﴾ [ الأعراف : ٢] و﴿اتبعوا ما أنزل إليكم﴾ [الأعراف : ٣]وقوله ﴿فلنسئلن الذين أرسل لهم﴾ [الأعراف : ٦] وقوله ﴿قل أمر ربي بالقسط﴾ [الأعراف : ٢٩] ﴿ولا تتبعوا من دونه أولياء﴾ [الأعراف : ٣] وبقوله ﴿لأقعدن لهم صراظك المستقيم﴾ [الأعراف : ١٦] ﴿لا يفتننكم الشيطان﴾ [الأعراف : ٢٧] وغيره فتحرر أنه لا سبيل إلى النجاة إلا بالرسل، وختم ذلك بالأحل حثاً على العمل في أيام المهلة ؛ أتبع ذلك قوله حاثاً على التعلق بأسباب النجاة باتباع الدعاة الهداة قبل الفوت بحادث الموت ببيان الجزاء لمن احسن الأاتباع في الدارين ﴿يابني آدم﴾ ولما كان له سبحانه أن يعذب من خالف داعي العقل من غير إرسال رسول، وكان إرسال الرسل جائزاً له وفضلاً منه سبحانه إذ لا يوجب عليه، أشار إلى ذلك
٢٩


الصفحة التالية
Icon