ولما كان كأنه قيل : ماهذا الأعلام ؟ قال مفسراً له مصرحاً بما هو المقصود لئلا يقع فيه نوع لبس حاذفاً الصلة إعلاماً بأن هذا مستأنف على تقدير سؤال سائل، لا معمول الأذان :﴿إن الله﴾ أى الذي له الغنى المطلق والقوة الباهرة ﴿بريء من المشركين*﴾ أي الذين لا عهد لهم خاص فلا مانع من قتالهم، قبل : والذين وقعت البراءة منهم صنفان : أحدهما كانت مدته دون أربعة اشهر فرفع إليها، والآخر مدته بغير حد فقصر عليها، ومن لم يكن له عهد فهو أولى، ومن كان عهده محدوداً بأكثر من أربعة أشهر ولم يحدث شراً أمر بإتمام عهده إلى مدته ﴿ورسوله﴾ أي بريئ منهم، فهو موفوع عطفاً على المنوي في " بريء " أو على محل ﴿أن﴾ أو لأن الواو بمعنى مع، وبالجر على الجوار، وقيل : على القسم - قال في الكشاف، قال : ويحكى أن أعرابياً سمع رجلاً يقرؤها فقال : إن كان الله بريئاً من رسوله فأنا منه بريء، فلببه الرجل إلى عمر رضي الله عنه فحكى الأعرابي قراءته فعندما أمر عمر رضي الله عنه بتعليم العربية، وروى الإمام أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري في مقدمة كتاب الوقف والابتداء بسنده عن ابن أبي ملكية قال : قدم أعرابي في زمان عمر رضي الله عنه فقال : من يقرئني مما أنزل
٢٦٧
الله على محمد ﷺ ؟ فأقرأه رجل براءة فقال :﴿أن الله بريء من المشركين ورسوله﴾ بالجر، فقال : أوقد بريء الله من رسوله ؟ إن يكن الله بريء من رسوله فأنا أبرأ منه، فبلغ عمر رضي الله عنه مقالة الأعرابي فدعاه - يعني فسأله فأخبره - فقال عمر رضي الله عنه : ليس هكذا يا أعرابي! قال : فكيف هي يا أمير المؤمنين ؟فقال ﴿أن الله بريء من المشركين ورسولُه﴾ فقال الأعرابي : وأنا والله أبرأ مما برئ الله ورسوله منه، فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان لا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٧


الصفحة التالية
Icon