أنا أفعل ما أمر به الأمير فليبتغ لي كا تباً حصيفاً ذكياً يعقل ما أقول، فاتي بكاتب من عبد القيس فلم يرضيه، فأتي بآخر من ثقيف ؛ وقال ابن الأنباري في كتاب الوقف : حدثني أبيقال : حدثنا أبو عكرمه قال : قال العتبي : كتب معاوية إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه، فلما قدم عليه كلمه فوجده يلحن، فرده إلى زياد وكتب إليه كتاباً يلومه فيه ويقول : أمثل عبيد الله يضيع ؟ فبعث زياد إلى أبي الأسود فقال : يا ابا الأسود! إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب، فلو وضعت شيئاً يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله، فأبى ذلك ابو الأسود وكره إجابة زياد إلى ما سأل، فوجه زياد رجلاً فقال له : اقعد في طريق أبي الأسود، فإذا مر بك فاقرأ شيئاً من القرآن وتعتمد اللحن فيه، ففعل ذلك.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٧
فلما مر به ابو الأسود رفع الرجل صوته يقرأ ﴿أن الله بريء من المشركين ورسولِه﴾ فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال : عز وجه الله أن يبرأ من رسوله، ثم رجع من فوره إلى زياد فقال : يا هذا، قد أجببتك إلى ما سألت، ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن، فابعث إليّ ثلاثين رجلاً، فأحضرهم زياد فاختار منهم أبو الأسود عشرة، ثم لم يزل يختارهم حتى اختار منهم رجلاً من عبد القيس، فقال : خذ المصحف وصبغاً يخالف لون المداد، فإذا فتحت شفتيّ فانقط واحده فوق الحرف، وغذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف، وإذا كسرتها فاجعل النقطة في أسفله، فإن أتبعت شيئاً من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين، فابتدأ بالمصحف حتى أتى على آخره، ثم وضع المختصر المنسوب إليه بعد ذلك - انتهى.


الصفحة التالية
Icon