ولما جرت العادة بأن أهل الشدائد يتوقعون الخلاص، أخبر ان هؤلاء ليسوا كذلك، لأنهم أنجاس فلييسوا أهلاً لمواطن القداس، فقال مستأنفاً لجواب من كأنه قال : أما لهؤلاء خلاص ؟ واظهر موضع افضمار تعميقاً للحكم بالوصف :﴿إن الذين كذبوا بآيتنا﴾ أي وهي المعروفة بالعظمة بالنسبة إلينا ﴿واستكبروا عنها﴾ أي واوجدوا الكبر متجاوزين عن اتباعها ﴿لا تفتح لهم﴾ أي الصعود أعمالهم ولا دعائهم ولا ارواحهم ولا لنزول البركات عليهم ﴿ابواب السماء﴾ لأنها طاهرة عن الأرجاس الحسية والمعنوية فإذا صعدت أرواحهم الخبيثة بعد الموت مع الملا ئكة العذاب اغلقت الأبواب دونها ثم ألقيت من هناك إلى سجين ﴿زلا يدخلون الجنة﴾ أي التي هي أطهر المنازل واشرفها ﴿حتى﴾ يكون ما لا يكون بان ﴿يلج﴾ أي يدخل ويجوز ﴿الجمل﴾ على كبره ﴿افي سم﴾ أي في خرق ﴿الخياط﴾ أي افبرة أى حتى يكون ما لا يكون إذاً فهو تعليق على محال، فإن الجمل مثل في عظم الجرم عند العرب، وسم الإبره مثل في ضيق المسلك، يقال : اضيق من خرق الإبر ؛ وعن ابن مسعود رصى الله عنه أنه سئل عن الجمل فقال : زوج الناقة - اسجهالاً للسائل وإشارة إلى طلب معنى آخر غير هذا الظاهر تكلف ولما هذا للمكذبين المستكبرين أخبر أنه لمطلق القاطعين ايضاً فقال :﴿وكذلك﴾ أي ومثل الجزاء بهذا العذاب وهو أن دخولهم الجنة محال عادة ﴿نجزي المجرين﴾ أي القاطعين لما امر الله به ان يوصل وإن كانوا أذناناً مقلدين للمستكرين المكذبين ؛ ثم فسر جزاء الكل فقال :﴿لهم من جهنم مهاد﴾ أي فرش من تحتهم، جمع مهد، ولعله لم يذكره لأن المهاد كالصريخ فيه ﴿اومن فوقهم غواش﴾ أى أغطية - جمع غاشية - تغشيهم من جهنم ؛ وصرح في هذا بالفوقيه لأن الغاشية ربما كانت عن يمين او شمال، أو كانت بمعنى مجرد الوصول والإدراك، ولعله إنما حذف الول لن لآية من الاحتياك فذكر جهنم أولاً دليلاً على إرادتها ثانياً، وذكر الفوق ثانياً دليلاً على إرادة الحت أولاً ولما كان بعضهم


الصفحة التالية
Icon