ثم وصفوه بما يقتضي ذلك له له لأوصافه أيضاً، فقالوا معلمين أنه لا سبب لهم في الوصول إلى النعيم غير النعيم غير فضله في الأولى والأخرى :﴿الذي هدنا﴾ أى بالبيان والتوفيق، وأ وقعوا الهداية على ما وصلوا إليه إطلاقاً للمسبب على السبب ﴿لهذه﴾ أى للعمل الذي أوصلنا إليه ﴿وما﴾ أي والحال أنا ما ﴿كنا لنهتدي﴾ أصلاً لبناء جبلاتنا على خلاف ذلك ﴿لولا أن هدانا الله﴾ أي الذي له الأمر كله، وقراءة ابن عامر بغير واو على أن الجملة موضحة لما قلبها والقراءتان دامغتان للقدرة ولما كان تصديقهم للرسل في الدنيا إيماناً بالغيب من باب علم اليقين اخبروا في الآخرة بما وصلوا إليه من عين اليقين سروراً وتبججاً لا تعبداً، وثناء على الرسل ومن أرسلهم بقولهم مفتتحين بحرف التوقع لأنه محله :﴿لقد جاءت رسل ربنا﴾ أى المحسن إليينا ﴿بالحق﴾ أي الثابت الذي يطابقه الواقع الذي لا زوال له.
ولما غبطوا أنفسهم وحقروها واثبتوا الفضل لأهله عطف على عطف قولهم قوله مانّاً عليهم بقبول اعمالهم ولما كان السار الإخبار عن الإيراث لا كونه من معين، بني للمفعول قوله :﴿ونودوا﴾ أي إتماماً لنعيمهم ﴿أن﴾ هي المخففة من الثقيلة أو هي المفسرة ﴿تلكم الجنة﴾ العالية ﴿أورثتموها﴾ أي صارت إليكم من غير تعب ولا منازع ﴿بما﴾ أى بسبب ما ﴿كنتم تعلمون﴾ لأنه سبحانه جعله سبباً ظاهرياً بكرمه، والسبب الحقيقي هو ما ذكره هم من توفيقه ولما استقرت بهم الدار، ونودوا بدوام الاستقرار، ظاخبر سبحانه أنهم اقبلوا متبججين على اهل النار شامتين بهم في إحلالهم دارالبوار تلذيذاً لأنفسهم بالنعيم وتكديراً على الأشقياء في قوله :﴿ونادى أصحاب الجنة﴾ أى بعد دخول كل من الفريقين إلى داره ﴿أصحاب النار﴾ يخبرونهم بما أسبغ عليهم من النعم ويقرورنهم بما كانوا يتوعدونهم به من حلول النقم ؛ ثم فسر ما وقع له النداء بقوله :﴿أن﴾ أو هي مخففة من القيلة وذكر حرف التوقع لأنه محله فقال :﴿قد وجدنا﴾ أي بالعيان


الصفحة التالية
Icon