جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤
ولما دل ما تقدم على انهم مقبلون على الجنة وأهلها، قال مرغباً مرهباً :﴿وإذا صرفت﴾ بناه للمفعول لأن المخيف لهم الصرف لا كونه من معين ﴿ابصارهم﴾ أي صرفها صارف من قبل الله بغير اختيار منهم ﴿تلقاء﴾ أي وجاه ﴿أصحاب النار﴾ أي بعد استقرارهم فيها فرأوا ما فيها من العذاب ﴿قالوا﴾ أى أصحاب الأعراف حال كونهم لم يدخلوها وهم يخافون مستعيذين منها ﴿ربنا﴾ أى أيها المحسن إلينا في الدنيا بكل إحسان وفي الآخرة بكونك لم تدخلنا إلى هذا الوقت إلى النار ﴿لا تجعلنا مع القوم الظالمين﴾ بان تدخلنا مدخلهم ولما تقدم كلامهم لأهل الجنة بالسلام أخبرهم أنهم يكلمون أهل النا بالتوبيخ والملام فقال :﴿ونادى﴾ وأظهر الفاعل لئلا يلبس باهل الحنة فقال ﴿أصحاب الأعراف﴾ أي الحال صرف وجوهم إلى جهة أهل النار ﴿رجالاً﴾ أى من أهل النار ﴿يعرفونهم﴾ أى بأعينهم وأما معرفتهم إجمالاً فتقدم وإنما قال هنا :﴿بسيماهم﴾ لأن النار قد أكلتهم وغيرت معلمهم مع تغيرهم بالسمن وسواد الوجوه وعظم الجثث ونحوه ﴿قالوا﴾ نفياً أو استفهاماً توبيخاً وتقريعاً ﴿ما أغنى عنكم جمعكم﴾ أي للمال والرجال ﴿وما كنتم تستكبرون﴾ أى تجدون بهما هذه الصفة وتوجدونها دائماً في الدنيا زاعمين انه لا غالب لكم ؛ ثم زادوا في توبيخهم وتقريعهم وتحزينهم وتأسفهم والإنكار عليهم بقولهم مشيرين إلى ناس كانوا يستضعفون من أهل الجنة ويحقرونهم ﴿أهؤلاء﴾ وكأنه يكشف لهم عنهم حتى يروهم زيادة في عذابهم ﴿الذين أقسمتم﴾ أي في الدنيا ﴿لا ينالهم الله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿برحمة﴾ فكيف بكمال الرحمة ولما كان التصريح بأمرهم بدخول الجنة إنكاء لأهل النار لأنه أنفى لما اقسموا عليه قالوا :﴿ادخلوا﴾ أي قال الله لهم أو قائل من قبله ادخلوا ﴿الجنة لا خوفهم عليكم﴾ أي من شيء يمكن توقع أذاه ﴿ولا انتم تحزنون﴾ أي يتجدد لكم حزن في
٣٧
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٧


الصفحة التالية
Icon