ولما سبب سبحانه عن أوصافه العلى ما وجب له من الأمر بالعبادة، تسبب عن ذلك الإنكار عليهم في التوقف عنها ةالاحتياج فيها إلى بروز الأمر بها قام على استحقاقه للأفراد بها من من الأدلة التي فيهم شواهدها فقال :﴿أفلا تذكرون*﴾ أي ولو بأدنى انواع التذكير بما أشار إليه الإدغام، ما أخبركم سبحانه به ونبهكم عليه بما يعمله كل أحد من نفسه من أنه لا يقدر احد أن يعمل كل ما يريد، ويعمل كثيراً مما لا غرض له فيه ويعلم أنه يضره إلى غيرذلك من الأمور ليعلم قطعاً أن الفاعلالحقيقي غيره وأنه لا بد لهذا الوجود من مؤثر فيه هو في غاية العظمة لا يصح بوجه أن يشاركه شيء ولو كان أعظم ما يعرف من الأشياء فكيف بجماد ا يضر ولا ينفع!
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١١
فلما تقرر انه هو الذي بدأ الخلق، تقرر بذلك أنه قادر على إعادته فقال :﴿إليه﴾ أى خاصة ﴿مرجعكم﴾ أي رجوعكم وموضع رجوعكم ووقته حال كونكم ﴿جميعاً﴾ لا يتخلف منكم احد، تقدم وعده لكم بذلك ﴿وعد الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿حقاً﴾ فهو تعليل لعبادته لعبادته لوحدانيته، فيحيون بعد اموت ويحشرون إلى موضع جزاء الله تعالى لهم زمانه الذي قدره له، ويرفع ما كان لهم من المكنة في الدنيا، فعلم قطعاً أنه لا بد من الرسول، فاستعدوا للقاء هذا الملك الأعظم بكل ما أمركم به الرسول ﷺ ؛ ثم أوضح التنبيه على قدرته مضمناً له بيان حكمته فقال معللاً لوجوب المرجع إليه مؤكداً عداً لهم في عداد المنكر للابتداء لأجل إنكارهم ما يلزم عنه من تمام القدرة على البعث وغيره :﴿إنه يبدؤا الخلق﴾ أي ينشئه النشأة الأولى، له هذه الصفة متجددة التعلق على سبيل الاستمرار ﴿ثم يعيده﴾ ليقيم العدل في خلقه بأن ينجزه لمن عبده، وعده بأن يعزه ويذل عدوه وذلك معنى قواه :﴿ليجزي﴾.


الصفحة التالية
Icon