ولما كان من المعلوم أن المعلومأن ذلك مغير لأحوالهم، وصل به قوله :﴿كأنما﴾ ولما كان المكروه مطلق كونها بالمنظر السيئ، بني للمفعول قوله :﴿أغشيت وجوههم﴾ أي اغشاها مغش لشدة سوادها لما هي فيه من السوء ﴿قطعاً﴾ ولما كان ذلك ظاهراً في أنهم أهل الشقاوة، وصل به قوله :﴿أولئك﴾ أى البعداء البغضاء ﴿اصحاب النار﴾ ولما كانت الصحبة الملازمة، بينها بقوله :﴿هم فيها﴾ أي خاصة ﴿خالدون﴾ أي لا يمكنون من مفارقتها ؛ والرهق : لحق الأمر، ومنه : راهق الغلام - إذا لحق حال الرجال ؛ والقتر : الغبار، ومنه الإقتار في الإنفاق لقتله ؛ والذلة : صغر النفس بالإهانة ؛ والمكسب : الفعل لاجتلاب النفع إلى النفس أو النفس أو استدفاع الضر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٣٤
ولما بين سبحانه مآل الفريقين، نبه على بعض مقدمات ذلك المانعة ان يشفع احد من غير إذنه بقوله :﴿ويوم﴾ أي وفرقنا بينهم لأنه لا أنساب هناك ولا أسباب فلا تناصر يوم ﴿نحشرهم﴾ أى الفريقين : الناجينوالهالكين العابدين منهم والمعودين حال كونهم ﴿جميعاً﴾ ثم يقطع ما ين المشركين وشركائهم فلا يشفع فيهم شيء مما يعتقدون شفاعته ولا ينفعهم بنافعة، بل يظهرون الخصومة ويبارزون بالعدولاة وهو ناظر إلى قوله تعالى ﴿إنه يبدئ الخلق ثم يعيده﴾ [يونس : ٤] وإلى قوله ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم﴾ [يونس : ١٨] والحشر : الجمع بكره من كل جانب إلى موقف واحد ؛ وأشار سبحانه إلى طول ووفهم بقوله :﴿ثم نقول للذين أشركوا﴾ أي بنا من لم يشارك في خلقهم ؛ وقوله :﴿مكانكم﴾ نقل أبو حيان عن النحوين أنهم جعلوه اسماً لأثبتوا، ورد على الزمخشري تقديره بألزموا لأنه متعد ويجب ان يساوي بين الاسم والمسمى في التعدي واللزوم، أي إظهار لضعف معبوداتهم التي كانوا يترجونها وتحسيراً لهم، فلا يمكنهم مخالفة ذلك ولما كان التقدير : فوقفوا مواقفة للأمر على حسب الإدارة، عطف عليه مسبباً عنه
٤٣٥


الصفحة التالية
Icon