﴿إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم﴾ [إبراهيم : ٢٢] وقد بسط من أمره وقصته في البقرة والأعراف ما يسر على المؤمنين الحذر منه وعرفهم به وذكر اليهود والنصارى والمشركون والصابئون والمنافقون وغيرهم، وفصل مرتكب كل فريق منهم كما استوعب ذكر أهل الصراط المستقيم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وفصل أحوالهم ابتداء وانتهاء والنزاماً وتركاً ما أوضح طريقهم، وعين حزبهم وفريقهم ﴿أولئك الذي هدى الله﴾ [الأنعام : ٩٠] وذكر أحوال الأمم مع أنبيائهم وأخذ كل من الأمم بذنبه مفصلاً، وذكر ابتداء الخلق في قصة آدم عليه السلام وحال الملائكة في التسليم والإذعان وذكر فريق الجن من مؤمن وكافر وأمر الآخرة وانتهاء حال الخلائق واستقرارهم الأخروي وتكرير دعاء الخلق إلى الله تعالى طمعاً فيه ورحمة وإعلام الخلق بما هو علبه سبحانه وما يجب له من الصفات العلى والأسماء الحسنى، ونبه العباد على الاعتبار وعملوا طرق الاستدلال ورغبوا ورهبوا وبشروا وأنذروا وأعلموا بافتقار المخلوقات بجملتها إليه سبحانه كما هو المتفرد بخلقهم إلى ما تخلل ذلك مما يعجز الخلائق عن حصره والإحاطة به ﴿والله يقول الحق وهو يهدي السبيل﴾ ﴿الأحزاب : ٤] فما تقدم هذا كله في السبع الطوال وما تلاها.
أعقب ذلك بقوله :{كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾ [هود : ١] ثم اتبع هذا بالإيماء إلى فصول ثلاثة عليها مدار آي كتب، وهي فصل الإلهية، وفصل الرسالة، وفصل التاكليف، أما الأول فاشار إليه قوله :﴿إلا تعبدوا إلا الله﴾ [هود : ٢] وأما فصل الرسالة فأشار إليه قوله سبحانه :﴿إنني لكم منه نذير وبشير﴾ [هود : ٢] وأما فصل التالكيف فأشار إليه قوله سبحانه ﴿وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه﴾ [هود : ٣].