وقد علم من هذا السياق انه كان قبل الأرض خلق فثبت ان وما تحته محمولان بمحض القدرة من غير سبب آخر قريب أو بعيد، فثبت بذلك أن قدرته في درجات من العظمة لا تتناهى، وهذا زيادة تفصيل لما ذكر في سورة يونس عليه السلام من أمر العرش لأن هذه السورة التفضيل ونبه بقوله تعالى معلقاً بـ " خلق " :﴿ليبلوكم﴾ أى أنه خلق ذلك كله لكم سكناً كاملاً بمهده وسقفه من أكله وشربه وكل ما تحتاجونه فيه وما يصلحكم وما يفسدكم ومكنكم من جميع ذلك والحكمة في خلق ذلك أنه يعاملكم معاملة المختبر،
٥٠٥
ودل على شدة الاهتامام بذلك بسوقه مسافق الاستفهام في قوله :﴿ايكم﴾ أي أيها العباد ﴿أحسن عملاً﴾ على أنه فعل هذه الأفعال الهائلة لأجل هذه الأمور التي هم لها مستهينون وبها مستهزئون، وعلق فعل البلوى عن جملة الاستفهام لما فيه من معنى العلم لأنه طريق إليه، روى البخاري في التفسير عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الل عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : أنفق أنفق عليك، ، وقال :"يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، وقال : أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء، .
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٠٥
ويده الميزان يخفض ويرفع" وفي الآية حث على محاسن الأعمال والترقي دائماص في مراتب الكمال من العلم الذي هو عمل القلب والعمل الظاهر الذي هو وظيفة الأركان.
ولما ثبت - بيده الخلق الذي هم به معترفون - القدرة على إعادته، وثبت بالابتلاء أنه لا تتم الحكمة في خلق المكلفين إلا باعادتهم ليجازي كلاًّ من المحسن والمسيء بفعلاه وأنهم ما خلقوا إلا لذلك.
عجب من إنكارهم له وأكده لذلك فقالك ﴿ولئن قلت﴾ أى لهؤلاء الذين ما خلقت هذا الخلق العظيم غلا لابتلائهم ﴿إنكم مبعوثون﴾ أي موجودون، بعثكم قطعاً لا بد منه.