ولما بين أنهم أظبمن اتبعه جزاءهم بقوله استئنافاً :﴿أولئك﴾ المستحقو البعد ؛ ولما كان نفس العرض نخوفاً، بنى للمجهول قوله :﴿يعرضون﴾ أي لذلك ولدلالة على أنهم على صفة الهوان ومستسلمون لكل عارض، فعرضهم في غاية السهولة ﴿على ربهم﴾ أي الذي أحسن إليهم فلم يشكروه، العالم بالخفايا فيفتضحون بين يديه بما قابلوا به إحسانه من اللوم ﴿ويقول﴾ على سبيل التكرار ﴿الأشهاد﴾ وهم الذين آمنوا بالكتب الشاهد بعضها لبعض المشار إليه بقوله ﴿ويتلوه شاهد منه﴾ والملائكة الذين شهدوا أعمالهم ومن أعضائهم حين يختم على افواههم ﴿هؤلاء﴾ إشارة بأداة القرب إلى تحقيرهم ﴿الذين كذبوا﴾ متكبرين ﴿على ربهم﴾ في ادعاء الشريك والولد والتحليل والتحريم وغير ذلك بما عراهم من إحسانه وطول حلمه، وفي الإتيان بصفة الربوبية غاية التشنيع عليهم، فتكررت بها القول فضيحتهم عند جنسهم وبعدهم عن كل من سمع هذا الكلام لأنه لا أبعد عن القلوب من الكاذب فكيف بالمجترىء بالكذب على الؤساء فكيف بملك الملوك الذي رباهم ولك من أهل الموقف مرتقب برّه خائف من انتقامه، وكأنه قيل : فما لهم بعد هذا العذاب العظيم بهذه الفضيحة ؟ فقيل :﴿آلا لعنة الله﴾ وهي طرد الملك الأعظم وإبعادهن انظر إلى تهويل الأمر باسم الذات ما اشده ﴿على الظالمين﴾ فكيف بأظلم الظالمين، ثم فصل ظلمهم بقوله :﴿الذين يصدون﴾ أى يعرضون في أنفسهم ويمنعون غيرهم ﴿عن سبيل﴾ أي دين ﴿الله﴾ أي الملك الذي له الكمال كله مع أنه الولي الحميد ﴿ويبغونها﴾ أى يريدون بطريق الدين الواسعة السهلة ﴿عوجاً﴾ بإلقاء الشبهات والطعن في الدلائل مع كونها في غاية الاستقامة.
٥١٤