أي يفعلون معهم ما يفعل القريب من تولي المصالح والحماية من المصائب، ومن لم يقدر على الامتناع وهو حي لم يمتنع بعد موته فكأنه قيل : ماذا يفعل بهم ؟ فقيل :﴿يضاعف﴾ أي يفعل يه فعل من يناظر آخر في الزيادة، وبناه للمفعول لأنالمرجع وجود المضاعفة مطلقاً ﴿لهم العذاب﴾ أى لما كانوا يضاعفون المعاصي ؛ ثم علل سبب المضاعفة بأنه خلق لهم سمعاً وبصراً فضيعوهما بتصامّهم عن الحق وتعاميهم عنه، فكأن لا فرق بينهم وبين فاقدهما فقال :﴿ما كانوا﴾ أى بما لهم من فساد الجبلات ﴿يستطيعون السمع﴾ أى يقدرون لما غلب على فطرهم الأولى السليمة بانقيادهم للهوى من التخلق بنقائص الشهوات على أن توجد طاعته لهم فمما كانوا يسمعون ﴿وما كانوا﴾ يستطيعون، الإبصار فما كانوا ﴿يبصرون﴾ حتى يعرضوا عن الشهوات فتوجد استطاعتهم للسمع والإبصار، وهو كناية عن عدم قبولهم للحق وأن شدة إعراضهم عنه وصلت إلى حد صارت فيه توصغ بعد الاستطاعة كما يقول الإنسان لما تشتد كراهته له : هذا مما لا أستطيع أن أسمعه، وتكون المضاعفة بالكفر والصد، ونفي الاستطاعة أعرق في العيب وأدل على النقص سواء كان للعين أو للقلب، هذا إن لم تخرج الآية على الاحتباك، وإن خرجت عليه استوى الأمران، وصار نفي الاستطاعة أولاً دالاًّ على نفيها ثانياً، ونفي الإبصار يدل على نفي السمع أولاً.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥١٥