ولما ثبت أنهم لا سمع ولا بصر، ثبت أنهم لا شيء فقال :﴿أولئك﴾ أى البعداء البغضاء ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ أى بتضييع الفطرة الأولى التي هي سهولة الانقياد للخير وصعوبة الانقياد للشر ؛ ولما كان العاجزز ربما نفعه من كان يخدمه فيكسبه قوة بعد الضعف ونشاطاً بعد العجز، نفى ذلك بقوله عائداً إلى نفي النفع ممن عذرهم أولاً على أحسن وجه :﴿وضل عنهم ما كانوا﴾ أي كوناً جبلوا عليه فصاروا لا ينفكون عنه ﴿يفترون﴾ أي يتعمدون كذبه مما ادعوا كونهم آلهة، ولا شك أن من خسر نفسه ومن خسرها من أجله بادعاء أنه شريك لخالقه ونحو ذلك كان أخسر الناس، فلذلك قال :﴿لا جرم﴾ أى لا شك ﴿أنهم﴾ أي هؤلاء الذي بالغلوا في إنكار الآخرة ﴿في الآخرة﴾ ولما كان المقام جديراً بالمبالغة في وصفهم بالخسارة، أعاد الضمير فقال :﴿هم﴾ أي خاصة ﴿الأخسرون﴾ أي الأكثرون خسراناً من كل من يمكن وصفه بالخسران ؛ والإعجاز : الامتناع من المراد بما لا يمكن معه إيقاعه ؛ والمضاعفة : الزيادة على المقدار بمثله أو أكثر ؛ والاستطاعة : قوة ينطاع بها الجوارح للفعل ؛ وأما " لا جرم " فقد اضطرب علماء العربية في تفسيرها، قالالرضي في شرح الحاجبية والبرهان السفاقسي في إعرابه
٥١٦