فليحمد الله من أخر عنه العذاب ولا يقل ما " يحبسه " لئلا يأتيه مثل ما أتى هؤلاء أو من بعدهم ﴿واستوت﴾ ي استقرت واعتدلت السفينة ﴿على الجودي﴾ إشارة باسه إلى أن الانتقام العام قد مضى، وما بقي إلا الجود بالماء والخير والخصب والرحمة العامة، وهو الجبل بالموصل بعد خمسة أشهر ؛ قال قتادة : استقلت بهم لعشر خلون من رجب وكانت في الماء خمسين وماءئة يوم، واستقرت بهم على الجودي شهراً، وهبط بهم يوم عاشوراء ﴿وقيل﴾ أي إعلاماً بهوان المهلكين والراحة منهم ﴿بعداً﴾ هو من بعد - بالكسر مراداً به البعد ن حيث الهلاك، فإن حقيقته بعدُ بعيد لا يرجى منه عود، ثم استعير للهلاك وخص بدعاء السوء، وعبر بالمصدر لتعليقه باللام الدالة على الاستحقاق والختصاص ﴿للقوم﴾ أي المعهودين في هذه القصة التي كان فيها من شدة القيام فيما يحاولونه ما لا يعلمه أحد إلا الله ﴿الظالمين*﴾ أي العريقين في الظلم، وهذه الآية تسع عشرة لفظة فيها أحدوعشرون نوعاً من البديع - عدها أبو حيان وقال : وروي أن أعرابياً سمعها فقال : هذا كلام القادرين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٣١
وذكر الرماني عدة من معانيها، منها إخراج الأمر على جهة التعظيم لفاعله من غير معاناة ولا لغوب، ومنا حسن تقابل المعاني، ومنها حسن ائتلاف الألفاظ، ومنها حسن البيان في تصوير الحال، ومنها الإيجاز من غير إخلالن ومنها تقبل الفهم على أتم الكمال ؛ والبلع : إجراء الشيء في الحلق إلى الجوف ؛ والإقلاع : إذهاب الشيء من أصله حتى لا يبقى له أثر ؛ والغيض : غيبة المار في ألأرض على جهة النشف وإبراز الكلام على البناء للمفعول أدل على الكبرياء والعظمة للفاعل للإشارة إلى أنه معلوم لأنه لا يقدر على مثل هذه الأفعال غيره، ونقل الأصبهاني عن صاحب المفتاح فيها كلاماً أ إلى من الجوهر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٣١