صالح أصلاً، ويثبت قراءة يعقوب والكسائي بالفعل أن من باشر السوء مطلق مباشرة وجبت البراءة منه، ولا سيما للأمر فلا يواصل إلا بإذن، وعبر بالعمل دون الفعل لزعمه أن أعماله مبنية على العلم، وأكده لما لا يخص من سؤال نوح عليه السلام هذا ﴿غير صالح﴾ بعلمي، وقد حكمت في هذا الأمر أني لا أنجي منه إلا من اتصف بالصلاح وأنا عليم بذات الصدور، وأنت يخفي عليك كثير من الأمور فربما ظننت الإيمان بالصلاح وأنا عليم بذات الصدور، وأنت يخفي عليك كثير من الأمور فربما ظننت الإيمان بمن ليس بؤمن لبنائك الأمر على ما نراه من ظاهره ؛ وقد نقل الرماني عن الحسن أنه كان ينافق بإظهار الإيمان، وهذا يدل على أن الموافق في الدين ألصق ما يكون وإن ان في غاية البعد في النسب، والمخالف فيه ابعد ما يكون وإن كان في غاية القرب في النسب.
٥٣٥
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٣٤
ولما تسبب عن هذا الجواب أن ترك السؤال كان أولى، ذكر أمراً كلياً يندرج فيه فقال :﴿فلا تسألن﴾ أي بنوع من أنواع السؤال ﴿ما ليس لك به علم﴾ فلا تعلم أصواب السؤال فيه أم لا، لأن اللائق بأمثالك من أولى القرب بناء أمورهم على التحقيق وانتظار الإعلام منا، انظر إلى قول موسى عليه السلام في حديث الشفاعة في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :﴿وإني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها﴾.
ومن المعلوم أن تلك النفس كانت كافرة من آل فرعون ﴿إني أعظك﴾ بمواعظي كراهية ﴿أن تكون﴾ أي كوناً تتخلق به ﴿من الجاهلين*﴾ أي في عداد الذين يعملون بالظن لأنهم لا سبيل لهم إلى الوقوف على حقائق الأمور من قبلنا فتسأل مثل ما يسألون.