ولما دعاهم مشيراً إلى ترهيبهم مستدلاً على الصدق بنفي الغرض، رغبهم في إدامة الخوف مما مضى بقوله :﴿ويا قوم﴾ ومن هم أعز الناس عليّ ولهم قدرة على ما طلب منهم ﴿استغفروا ربكم﴾ أي اطلبوا غفرانه بطاعتكم له لما يجب له بإحسانه إليكم.
واشار إلى علو رتبة التوبة بأداة التراخي فقال :﴿ثم توبوا إليه﴾ أي تسموا عالي هذه الرتبة بأن تطلبوا ستر الله لذنوبكم ثم ترجعوا إلى طاعته بالندم والإقلاع والاستمرار ﴿يرسل السماء﴾ أى الماء النازل منها أو السحاب بالماء ﴿عليكم مدراراً﴾ أي هاطله بمطر غزبر متتابع ﴿ويزدك قوة﴾ أي عظيمة مجموعة ﴿إلى قوتكم﴾ ثم عطف على قوله ﴿استغفروا﴾ قوله :﴿ولا تتولوا﴾ أي تكلفوا انفسكم غير ما جلبت عليه من سلامة الانقياد فتبالغوا في الإعراض - بما اشار إليه إثبات التاء ﴿مجرمين*﴾ أى قاطعين لأنفسكم - ببناء أمركم على اظنون الفاسدة عن خيرات الدنيا والآخرة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٤٠
ولما محّض لهم النصح علىغاية البيانن مان جوابهم إلا أن ﴿قالوا﴾ أى عاد بعد أن أظهر لهم هود عليه السلام منا لمعجزات ما مثله آمن عليه البشر ﴿يهود﴾ نادوه باسمه غلظة وجفاء ﴿ما جئتنا ببينة﴾ فأوضحوا لكل ذي لب أنهم مكابرون لقويم العقل وصريح النقل، فهم مفترون كما كان العرب يقولون للنبي ﷺ بعد أن أتاهم من الآيات على يده ما يفوت الحصر ﴿لولا أنزل عليه آية من ربه﴾ ﴿وما نحن﴾ وأغرقوا في النفي فقالوا :﴿بتاركي آلهتنا﴾ مجاوزين لها أو صادرين ﴿عن قولك﴾ وتركهم للعطف بالفاء -
٥٤٢


الصفحة التالية
Icon