أي غطوا جميع أنوار الظاهر الذي لا يصح أصلاً خفاءه لأنه لا نعمة على مخلوق غلا منه، فكان كفرهم أغلظ الكفر، ومع ذلك فلم ينثن هود عليه السلام عن إبلاغهم جميع ما أمر به ولا ترك شيئاً مما أوحي إليه فلك به أسوة حسنة وفيهم قدوة، ومن كفر من أحسن إليه بعد بعداً لا قرب معه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٤٤
ولما كان الأمر عظيماً والخطب جليلاً، كرر الأداة التي تقال عند الأمور الجليلة فقال :﴿الا بعداً لعاد﴾ هو من بعد - بكسر العين إذا كان بعده بالهلاكن وبينهم بقوله :﴿قوم هود﴾ تحقيقاً لهم لأنهم عادان : الأوى والآخرة، وإيماء إلى أن استحقاقهم
٥٤٦
للإبعاد بما جرى لهو عليه السلام معهم من الإنكار والدعاء عليهم بعد الهلاك كناية عن الإخبار بأنهم كانوا مستحقين للهلاك ؛ والجحد : الخبر عما يعلم صحته أنه لا يعلمها، وهو ضد الاتارف كما أن النفي ضدالإثبات، فهو خبر بمجرد العدم فهو أعم ؛ والعصيان خلاف ما أمر به الداعي على طريق الإيجاب ؛ واللعنة : الدعاء بالإبعاد، وأصلها الإبعاد من الخير ؛ والإتباع : جعل الثاني على أثر الأول، والإبلاغ أخص منه، والمراد هنا بلوغها لهم لأن الذي قضى بذلك قادر وقد ألحق بهم عذاب الدنيا المبعد لهم من مظان الرحمة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٤٤


الصفحة التالية
Icon