ولما اتهموم بالقطيعة والسفه، شرع في إبطال مكا قالوا ونفي التهمة فيهن وأخرج مخرج الجواب لمن كأنه قا : ما أجابهم به ؟ فقيل :﴿قال يا قوم﴾ مستعطفاً لهم بما بينهم من عواطف القرابة منبهاً لهم على حسن النظر فيما ساقه على سبيل الفرض والتقدير ليكون أدعى إلى الوفاق والإنصاف ﴿أرءيتم﴾ أي أخبروني ﴿إن كنت﴾ أي كوناً هو في غاية الثبات ﴿على البينة﴾ أي برهان ﴿من ربي﴾ الذي أحسن إليّ بما هو إحسان إليكم، وعطف على جملة الشرط المستفهم عنه فوله :﴿و﴾ قد ﴿رزقني﴾ وعظم الرزق بقوله :﴿منه رزقاً حسناً﴾ جليلاً ومالاً جماً حلالاً لم أظلم فيه أحد، والجواب مجذوف لتذهب النفس فيه كل مذهب، ويمكن أن يقال فيه : هل يسع عاقلاً أن ينسبني إلى السفه بتبذير المال بترك الظلم، أو يسعني أن أحلم عنم عبد غيره وأترك دعاءكم إلى الله، فقد بان بهذا أني ما أمرتكم بما يسوءكم من ترك ما ألفتم وتعرضت لغضبكم كلكم، وتركت مثل أفعالكم إلا خوفاً من غضبه ورجاء لرضاه، فظهر أن لا تهمة في شيء من أمري ولا خطأ، ما فعلت قط ما نهيتكم عنه فيما مضى ﴿وما أريد﴾ أي في وقت من الأوقات ﴿أن أخالفكم﴾ أي بأن أذهب وحدي ﴿إلى ما أنهاكم عنه﴾ في لالمستقبل، وما نقص مال بترك مثل أفعالكمن فهو إرشاد إلى النظ في باب :
لا تنه عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم فإبدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهيت عنه فأت حكيم
وقد نبهت هذه الأجوبة الثلاثة على أن العقل يجب ان يراعي في كل ما يأتي ويذر أحد حقوق ثلاثه أهمها وأعلاها حق الله وثانيها حق النفس وثالثها حق العباد على
٥٦٧