ولما ختم الآية بتهديدهم بما بين أن تهديدهم له عدم لا يبالي به، أتبع ما يصدقه من أنه ليس بتارك شيئاً من عمله مما جبلوا به، وزاد في التهديد فقال :﴿ويا قوم اعملوا﴾ أي أوقعوا العمل لكل ما تريدون قارين مستعلين ﴿على مكانتكم﴾ أي حالكم الذي تتمكنون به من العمل ﴿إني عامل﴾ على ما صار لي مكانة، أي حالاً أتمكن به من العمل لا أنفك عنه ما أنا عامل من تحذيري لمن كفر وتبشيري لمن آمن وقيامي بكل ما أوجب عليّ الملك غير هائب لكم ولا خائف منكم ولا طامع في مؤالفتكم ولا معتمد على سواه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٧٠
ولما كانت ملازمتهم لأعمالهم سبباً لوقوع العذاب المتوعد به ووقوعه سبباً للعلم بمن يخزي لمن يعلم أي هذين الأمرين يراد، ذكره بعد هذا التهديد فحسن حذف الفاء من قوله :﴿سوف تعلمون*﴾ أي بوعد لا خلف فيه وإن تأخر زمانه، وسوقه مساق الجواب لمن كأنه قال : ما المراد بهذا الأمر بالعمل المبالغ قبل في النهي عنه ؟ وقد تقدم في قصة نوح عليه السلام ما يوضحه.


الصفحة التالية
Icon