ولما كانت هذه الأخبار على غاية منا لتحذير، لا يعرفه إلا بالغ في العلم، كان من المعلوم قطعاً أنه ﷺ لم يئات بها إلا من عند الله للعمل المشاهد بأنه لم يعان علماً ولا ألم بعالم يوماً، هذا مع ما اشتملت عليه من أنواع البلاغة وتضمنته من أنحاء الفصاحة وأومأت إليه بحسن سياقتها من صروف الحكم وإفادة تفصيلها من فنون المعارف، فلذلك استحقت أن يشار إليها بأداة إيماء إلى بعد المرتبة وعلو الأمر فقال تعالى :﴿ذلك﴾ أي النبأ العظيم والخطب الجسيم ﴿من أنباء القرى﴾ وأكد هذا المعنى بلفظ النبأ لأنه الخبر فيه عظيم الشأن، ومنه النبي، وأشار بالتعبير بالمضارع
٥٧٤
في قوله :﴿نقصه عليك﴾ إلى أنا كما قصصناها عليك في هذا الحا للمقصد المتقدم سنقصها عليك لغير ذلك منالأغراض في فنون البلاغة وتصاريف الحكم كما سترى عند قصه ؛ ثم اشار - بما اخبر من حلها بقوله :﴿منها﴾ أي القرى ﴿قائم وحصيد*﴾ إلى أنك مثل ما سمعت ما قصصنا عليك من أمرها بأذنك ووعيته بقلبك تحسها بعينك بمشاهدة ابنيتها وآثارها ومستحصدة، أى متهدمة لم يبق من بنيانها إلا بعض جدرانها.


الصفحة التالية
Icon