ولما نهي عن الإفراط وهو الزيادة تصريحاً، فأفهم النهي عن التفريط، وهو النفص عن المأمور تلويحاً من باب الأولى، على ذلك مؤكداً تنزيلاً لمن يفرط أو يفرط منزلة المنكر فقال :﴿إنه بما تعملون﴾ قدم الظرف لما تقدم من تأكيد الإبصار ﴿بصير*﴾ ومادة " طغى " واوية ويائية بكل ترتيب تدور على مجاوزة الحد مع العلو، فالغطاء : ما ستر به الشيء عالياً عليه، ولا يكون ساتراً لجميعه إلا إذا فضل عنه فتجاوز حده، وغطى الليل - إذا غشي، وكل شي ارتفع فهو غاط.
وطغى السيل - إذا جاء بماء كثير، والبحر : هاجت أمواجه، والطغيان : مجاوزة الحد في العصيان، والغائط والغيط : المطمئن من الأرض، لأن ما كان كذلك وكانت أرضه طيبة كانت لا تزال ريّاً فيعلو ما نبت فيها ويخصب فيتجاوز الحد في ذلكن ومنه الغوطة - لموضع بالشام كثير الماء والشجر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٨١
٥٨٥