ولما كان مثل هذه الآيات ربما أوهم أن إيمان مثل هؤلاء مما لا يدخل تحت المشيئة، نفى ذلك الوهم مبيناً انفكاك المشيئة عن الأمر بقوله :﴿ولو شاء ربك﴾ أى المحسن إليك بكل إحسان يزيدك رفعة ﴿لجعل الناس﴾ أي كلهم ﴿أمة واحدة﴾ على الإصلاح، فهو قادر على أن يحعلهم كلهم مصلحين متفقين على الإيمان فلا يهلكهم، ولكنه لم يشأ ذلك، بل شاء اختلافهم والأمر تابع لمشيئة فاختلفوا ﴿ولا يزالون مختلفين﴾ أى ثابتاً اختلافهم لكونهم على أديان شتى ﴿إلا من رحم ربك﴾ أي المحسن إليك بالتأليف بينهم في جعلهم من أهل طاعتك فإنهم لا يختلفون في أصول الحق.