ولما بين أن كل ما قص عليه من أخبارهم يستلزم هذا المقصود، بين أنه ليس كما يعلل به غالباً من الأخبار الفارغة والأحاديث المزخرفة الباطلة ولا مما ينقله المؤرخون مشوباً بالتحريف فقال :﴿وجاءك في هذه﴾ أي الأخبار ﴿الحق﴾ أي الكامل في الثبات الذي لا مرية فيه، وفائدة الظرف التأكيد لعظم المقصود من آية ﴿فلعلك﴾ وصعوبته.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٨٩
ولما كان الحق حقاً بالنسبة إلى كل أحد عرفه ونكر ما هو خاص بقوم دون قوم فقال :﴿وموعظة﴾ أي مرقق للقلوب ﴿وذكرى﴾ أى تذكير عظيم جداً ﴿للمؤمنين*﴾ أي الراسخين في الإيمان، وقد تضمنت الآية الاعتبار من قصص الرسل بما فيها من حسن صبرهم على أممهم واجتهادهم على دعائهم إلى عبادة الل بالحق وتذكير الخير والشر وما يدعو إليه كل منهما من عاقبة النفع والضر للثبات على ذلك جميعه اقتداء بهم.
ولمكا ذكر نفع هذا الحق، كان كأنه قيل : فعطهم بذلك وذكرهم به، فعطف عليه
٥٩١
قوله :﴿وقل﴾ ويجوز أن يكون معطزفاً على قوله ﴿واصبر﴾ أى اصبر على ما أمرناك من تبليغ وحينا وامتثاله، وقل ﴿للذين﴾ أى لم تؤثر فيهم هذه المرعظة فهم ﴿لا يؤمنون﴾ أي لا يتجدد لهم إيمان منذراً لهم ﴿اعملوا﴾ متمكنين ﴿على مكانتكم﴾ أي طريقتكم التي تتمكنون من العمل عليها.


الصفحة التالية
Icon