ولما تسبب عن عنادهم إهلاكهم وإنجاؤه، وكان الإعلام بإنجائه - مع كونه يفهم إهلاكهم - أهم قال :﴿فأنجيناه وأهله﴾ أي من اطاعه ﴿إلا امراته﴾ ولما كان كانه قيل : ما لها ؟ قال :﴿كانت من الغابرين*﴾ أي الباقين الذين لحقهم بالعذاب العبرة والتذكير إشارة إلى انها أصابها مثل عذاب الرجال سواء، لم تنقص عنهم لأنها كانت كافرة مثلهم.
ولما افهم هذا إهلاكهم، بينه دالاً على نوعه بقوله :﴿وامطرنا﴾ أي حجارة الكبريت بعد أن قلعت مدائنهم ورفعت وقلبت حتى رجم بها مسافروهم وشذابهم لأنه عذاب الاستئصال عمن لا يعجزه شيء ؛ واوضحه بقصره الفعل وتعديته بحرف الاستعلاء فقال :﴿عليهم﴾ واكد كونه من السماء لا من سطح أو جبل ونحوه بقوله :﴿مطراً﴾ واشار إلى عظمة مزيلاً للبي أصلاً بما سبب عنه من قوله :﴿فانظر كيف كان عاقبة﴾ أي آخر امر ﴿المجرين-*﴾ واظهر موضع افضمار تعليقاً للحكم بوصف القطع لما حقه الوصل بوصل ما حقه القطع من فاحش المعصية دليلاً على أن الرجم جزاء من فعل هذا الفعل بشرطه، لأن الحكم يدور مع العلة، وسياتي في سورة هود عليه السلام سياق قصتهم من التوراة بعد ان مضى في البقرة عند ﴿إذ قال له ربه أسلم﴾
٦٤
[البقرة : ١٣١] اوائل امرهم، وهذا كما سومت الحجارة لقريش - لما اجمعوا أن يرجعوا بعد توجههم عمن غزوة أحد من الطريق - ليفرغوا من النبي ﷺ واصحابه على زعمهم، كما قال ﷺ "والذي نفسي بيده! لقد سومت لهم الحجارة، ولو رجعوا لكانوا كامس الذاهب" ولكنه ﷺ لما كان رسول رحمة لم يقض الله برجوعهم فمضوا حتى اسلم بعد ذلك كثير منهم، وكما أمطر الله الحجارة على أصحاب الفيل سنة مولده ﷺ حماية لبلده ببركته.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦١


الصفحة التالية
Icon