الإعجاز، وكذا ما تبعه من بيانه بالسنة لما له من الحق الذي لا يخفي عل كل عاقل، وكان ما تحقق أنه كذلك يعلم أن الآتي به لا يكون إلا عظيماً، بني للمفعول قوله :﴿أنزل إليك﴾ كائن ﴿من ربك﴾ فثبت حينئذ قطعاً أنه هو ﴿الحق﴾ أي الموضوع كل شيء منه في موضعه على ما تدعو إليه الحكمة، الواضح الذي لا يتخلف شيء منه عن مطابقة الواقع من بعث ولا غيره، فهو أبعد شيء عن قولهم : إن وعده بالبعث سحر، فوجب لثبوت حقيته على كل من اتصف بالعقل أن يؤمن به ﴿ولكن أكثر الناس﴾ أي الآنسين بأنفسهم المضطرين في آرائهم، ﴿لا يؤمنون*﴾ أي لا يتجدد منهم إيمان أصلاً بأنه الحق في نفسه وأنه من عند الله، بل يقولون : إنه من عند محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنه تخييل ليست معاينة - كما قلنا ﴿وما أكثر الناس ولو حرصت بؤمنين﴾ [يوسف : ١٠٣] فليس هدى لهم كاملاً ولا رحمة تامة، هذا التقدير محتمل، ولكن الذي يدل عليه ظاهر قوله تعالى :﴿أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق﴾ [ الرعد : ١٩] أن ﴿الذي﴾ مبتدأ، و﴿من ربك﴾ صلة ﴿أنزل﴾ والخبر ﴿الحق﴾ والمقصود من هذه السورة هذه الآية، وهي وصف المنزل بأنه الحق وإقامة الدليل عليه، وذلك لأنه لما تم وصف الكتاب بأنه حكيم محكم مفصل مبين، عطف الكلام إلى تفصيل أول سورة، والإيماء إلى أنه حان اجتناء الثمرة في هذه السورة والتي بعدها، ويلتحم بذلك وصف المصدقين بذلك - كما ستقف عليه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٧